العرف الإداري

العرف الإداري واركانه وأبرز 2 من انواعه

العرف الإداري واركانه وأبرز 2 من انواعه , العرف الإداري يمثل جزءًا أساسيًا من القانون الإداري، وهو مفهوم يعتبر أحد أهم أسس التشريع واتخاذ القرارات الإدارية في أي نظام قانوني. إن فهم العرف الإداري وأهميته يعد أمرًا ضروريًا لفهم كيفية تطبيق وتنفيذ السياسات والأنظمة الإدارية في مختلف دول العالم.
تعريف العرف الإداري يمكن تلخيصه بأنه السلوك التقليدي والمستمر الذي يتبعه الجهاز الإداري في تنفيذ مهامه وواجباته. يتجلى العرف الإداري في السلوكيات والإجراءات التي تمارسها الإدارة العامة أو الجهات الحكومية بصورة منتظمة ومستمرة على مر الزمن، وتستند هذه السلوكيات إلى تقاليد وعادات معينة داخل الجهاز الإداري.
إن العرف الإداري له تأثير كبير على صنع القرارات الإدارية وتشكيل السياسات الحكومية. حيث يعكس السلوك الإداري التقليدي تجارب المؤسسات الحكومية والممارسات التي طوِّرتها على مر العصور، ويساعد في توجيه التصميم والتنفيذ الفعلي للسياسات العامة.
في هذا المقال، سنبحث بعمق في مفهوم العرف الإداري، وسنستكشف أهميته في القانون والإدارة. سنستعرض أيضًا أمثلة على العرف الإداري وكيف يمكن أن يؤثر على الحكومات والمؤسسات العامة.

تعريف العرف الإداري:

العرف الإداري هو مجموعة القواعد التي درجت الإدارة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجال معين من نشاطها وتستمر فتصبح ملزمة لها ، وتعد مخالفتها مخالفة للمشروعية وتؤدي إلى أبطال تصرفاتها بالطرق المقررة قانوناً.

ويتمتع العرف الإداري بالقوة الملزمة بالنسبة للإدارة، فإذا خالفت الإدارة العرف الإداري في تصرفاتها، كان هذا التصرف مخالفًا للمشروعية، ويحق للأفراد المتضررين من هذا التصرف الطعن عليه أمام القضاء الإداري.

ويعتبر العرف الإداري مصدرًا من مصادر القانون الإداري، ويلعب دورًا مهمًا في سد الثغرات الموجودة في التشريعات الإدارية، كما أنه يساهم في تطوير القانون الإداري وجعله أكثر مرونة وملاءمة للاحتياجات الاجتماعية.

أنواع العرف الإداري:

يمكن تقسيم العرف الإداري إلى عدة أنواع، وذلك وفقًا لمعايير مختلفة، منها:

من حيث النشاط الذي يحكمه

  • العرف الإداري العام: وهو العرف الذي يحكم تصرفات الإدارة في مجال معين من نشاطها، وهو غير متعلق بإقليم معين أو طائفة معينة أو مهنة معينة.
  • العرف الإداري الإقليمي: وهو العرف الذي يحكم تصرفات الإدارة في منطقة معينة، مثل عرف المحافظات أو المدن.
  • العرف الإداري الطائفي: وهو العرف الذي يحكم تصرفات الإدارة في طائفة معينة، مثل عرف الإدارة في المؤسسات الدينية أو التعليمية.
  • العرف الإداري المهني: وهو العرف الذي يحكم تصرفات الإدارة في مهنة معينة، مثل عرف الإدارة في مجال الضرائب أو التأمينات الاجتماعية.

من حيث مدى إلزامه

  • العرف الإداري الآمر: وهو العرف الذي يلزم الإدارة بتطبيقه، ولا يجوز لها مخالفته، مثل عرف الإدارة في مجال حماية حقوق الإنسان أو حماية البيئة.
  • العرف الإداري المكمل: وهو العرف الذي يجوز للإدارة مخالفته، إذا رأت ذلك مناسبًا، مثل عرف الإدارة في مجال الإجراءات الإدارية.

من حيث ثباته

  • العرف الإداري الثابت: وهو العرف الذي يتمتع بدرجة عالية من الثبات، وأصبح جزءًا من ممارسات الإدارة اليومية.
  • العرف الإداري غير الثابت: وهو العرف الذي لم يستقر بعد، ولا يتمتع بنفس درجة الثبات التي يتمتع بها العرف الإداري الثابت.

من حيث علاقته بالتشريع

  • العرف الإداري السابق للتشريع: وهو العرف الذي نشأ قبل صدور التشريع، وأصبح ملزمًا للإدارة بمجرد صدور التشريع.
  • العرف الإداري اللاحق للتشريع: وهو العرف الذي نشأ بعد صدور التشريع، ويصبح ملزمًا للإدارة إذا كان لا يخالف أحكام التشريع.

ويعتبر العرف الإداري الثابت الآمر هو النوع الأكثر أهمية من أنواع العرف الإداري، وذلك لأنه يتمتع بالقوة الملزمة بالنسبة للإدارة، ولا يجوز لها مخالفته.

أركان العرف الإداري:

لكي يصبح سلوك الإدارة عرفًا إداريًا، يجب أن يتوافر فيه ركنان أساسيان:

الركن المادي: ويتمثل في اعتياد جهة الإدارة على إتباع سلوك معين في نشاط معين، وقد يكون هذا الاعتياد إيجابيًا يظهر في صورة القيام بعمل، كما يمكن أن يكون سلبيًا في صورة الامتناع عن القيام بعمل ما، على أن يكون هذا العمل أو الامتناع بشكل ثابت ومستقر ويتكرر في الحالات المماثلة بشرط أن يمضى الزمن الكافي لاستقراره، وتقدير ما إذا كانت هذه المدة كافيه لوجود العرف من عدمه أمر مرجعه إلى القضاء.

الركن المعنوي: ويتمثل في اعتقاد جهة الإدارة بأن هذا السلوك ملزم لها، أي أن الإدارة تعتقد أن عليها الالتزام بهذا السلوك، وأن مخالفته يشكل مخالفة للمشروعية.

وإذا لم تتوافر هذه الأركان في سلوك الإدارة، فلا يمكن اعتباره عرفًا إداريًا، ولا يتمتع بالقوة الملزمة بالنسبة للإدارة.

وفيما يلي بعض الأمثلة على الركن المادي للعرف الإداري:

**اعتياد الإدارة على منح الموظفين العموميين إجازات مرضية خلال فترة مرضهم.
**اعتياد الإدارة على قبول الطلبات المقدمة إليها من الأفراد في مواعيد محددة.
**اعتياد الإدارة على إلغاء القرارات الإدارية التي تصدر مخالفة للقانون.

وفيما يلي بعض الأمثلة على الركن المعنوي للعرف الإداري:

**قيام الإدارة بإصدار قرارات تؤكد على الالتزام بقواعد العرف الإداري.
**قيام الإدارة بإحالة الأفراد إلى المساءلة التأديبية إذا خالفوا قواعد العرف الإداري.
**قيام الإدارة برفض الطعون المقدمة من الأفراد ضد القرارات الإدارية التي تخالف قواعد العرف الإداري.

مثال عن العرف الإداري:

مثال على العرف الإداري الآمر

اعتادت الإدارة على منح الموظفين العموميين إجازات مرضية خلال فترة مرضهم، وذلك لمدة لا تزيد عن شهرين. وقد استمر هذا الاعتياد لفترة طويلة، وأصبح جزءًا من ممارسات الإدارة اليومية. بالإضافة إلى ذلك، قامت الإدارة بإصدار قرارات تؤكد على الالتزام بهذا العرف، كما قامت بإحالة الأفراد إلى المساءلة التأديبية إذا خالفوا هذا العرف.

وبناءً على ذلك، فإن هذا العرف أصبح عرفًا إداريًا آمرًا، ويلزم الإدارة بتطبيقه، ولا يجوز لها مخالفته. فإذا رفضت الإدارة منح موظف عام إجازة مرضية خلال فترة مرضه، فإن هذا التصرف يعد مخالفًا للمشروعية، ويحق للموظف الطعن عليه أمام القضاء الإداري.

مثال آخر على العرف الإداري المكمل

اعتادت الإدارة على قبول الطلبات المقدمة إليها من الأفراد في مواعيد محددة، وذلك حتى يتم دراسة هذه الطلبات والبت فيها في أسرع وقت ممكن. وقد استمر هذا الاعتياد لفترة طويلة، وأصبح جزءًا من ممارسات الإدارة اليومية.

وبناءً على ذلك، فإن هذا العرف أصبح عرفًا إداريًا مكملًا، ويجوز للإدارة مخالفته، إذا رأت ذلك مناسبًا. فإذا قررت الإدارة قبول طلب مقدم إليها بعد انتهاء المدة المحددة، فإن هذا التصرف لا يعد مخالفًا للمشروعية.

القانون الإداري:

القانون الإداري هو فرع من فروع القانون العام الداخلي، ويهتم بدراسة نشاط الإدارة العامة وتنظيمه، ويشمل ذلك دراسة قواعد إنشاء الإدارة العامة وتنظيمها، وقواعد عملها وتصرفاتها، وقواعد الرقابة عليها.

ويتميز القانون الإداري بمجموعة من الخصائص، منها:

  • استقلاله عن فروع القانون الأخرى: يتميز القانون الإداري باستقلاله عن فروع القانون الأخرى، مثل القانون المدني والقانون الجنائي، وذلك بسبب اختلاف موضوعه وأسلوبه.
  • تنظيمه للنشاط الإداري: يهتم القانون الإداري بتنظيم النشاط الإداري، وذلك من خلال تحديد اختصاصات الإدارة العامة وسلطاتها وإجراءاتها.
  • الرقابة على الإدارة العامة: يهتم القانون الإداري أيضًا بالرقابة على الإدارة العامة، وذلك من خلال تحديد سلطات الرقابة الإدارية والقضاء الإداري.

وتشمل موضوعات القانون الإداري مجموعة واسعة من الموضوعات، منها:

  • التنظيم الإداري: ويشمل دراسة قواعد إنشاء الإدارة العامة وتنظيمها، مثل قواعد إنشاء الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات الحكومية.
  • الاختصاصات الإدارية: ويشمل دراسة قواعد تحديد اختصاصات الإدارة العامة، مثل قواعد تحديد الاختصاص النوعي والاختصاص المكاني والاختصاص الزمني.
  • الإجراءات الإدارية: ويشمل دراسة قواعد تنظيم إجراءات الإدارة العامة، مثل قواعد إصدار القرارات الإدارية وقواعد تنفيذ القرارات الإدارية.
  • الرقابة الإدارية: ويشمل دراسة قواعد الرقابة الإدارية، مثل قواعد الرقابة الرئاسية والمالية والقانونية.
  • القضاء الإداري: ويشمل دراسة قواعد القضاء الإداري، مثل قواعد تشكيل المحاكم الإدارية واختصاصاتها وإجراءاتها.

ويلعب القانون الإداري دورًا مهمًا في تنظيم النشاط الإداري، وحماية حقوق الأفراد من تعسف الإدارة، وتحقيق العدالة الإدارية.

مصادر القانون الإداري:

تتمثل مصادر القانون الإداري في مجموعة من القواعد القانونية، منها:

  • التشريع: يعتبر التشريع أهم مصدر للقانون الإداري، ويشمل ذلك القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، مثل الدستور والقوانين العادية واللوائح.
  • العرف الإداري: يعتبر العرف الإداري مصدرًا من مصادر القانون الإداري، ويشمل ذلك القواعد التي درجت الإدارة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجال معين من نشاطها.
  • مبادئ القانون العام: تعتبر مبادئ القانون العام مصدرًا من مصادر القانون الإداري، ويشمل ذلك المبادئ التي تطبقها المحاكم الإدارية في أحكامها.
  • القضاء الإداري: يعتبر القضاء الإداري مصدرًا من مصادر القانون الإداري، وذلك من خلال أحكامه التي تصدر في المنازعات الإدارية.

أهمية القانون الإداري:

تتمثل أهمية القانون الإداري في مجموعة من الجوانب، منها:

  • تنظيم النشاط الإداري: يساهم القانون الإداري في تنظيم النشاط الإداري، وذلك من خلال تحديد اختصاصات الإدارة العامة وسلطاتها وإجراءاتها.
  • حماية حقوق الأفراد: يساهم القانون الإداري في حماية حقوق الأفراد من تعسف الإدارة، وذلك من خلال وضع قواعد تنظم العلاقة بين الإدارة والأفراد.
  • تحقيق العدالة الإدارية: يساهم القانون الإداري في تحقيق العدالة الإدارية، وذلك من خلال وضع قواعد تنظم الرقابة على الإدارة وإجراءات القضاء الإداري.

أمثلة على العرف في القانون:

في القانون المدني:

  • العرف التجاري: يُعد العرف التجاري مصدرًا من مصادر القانون التجاري، ويشمل ذلك القواعد التي درجت تجار معينون أو منطقة معينة على إتباعها في معاملاتهم التجارية.
  • العرف المحلي: يُعد العرف المحلي مصدرًا من مصادر القانون المدني، ويشمل ذلك القواعد التي درجت أهالي منطقة معينة على إتباعها في معاملاتهم اليومية.

في القانون الجنائي:

  • العرف الجزائي: يُعد العرف الجزائي مصدرًا من مصادر القانون الجنائي، ويشمل ذلك القواعد التي درجت المحاكم الجنائية على إتباعها في تطبيق أحكام القانون الجنائي.
    في القانون الإداري:
  • العرف الإداري: يُعد العرف الإداري مصدرًا من مصادر القانون الإداري، ويشمل ذلك القواعد التي درجت الإدارة العامة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجال معين من نشاطها.

يلعب العرف دورًا مهمًا في القانون، فهو يساهم في سد الثغرات الموجودة في التشريعات، كما أنه يساهم في تطوير القانون وجعله أكثر مرونة وملاءمة للاحتياجات الاجتماعية.

القضاء الإداري:

القضاء الإداري هو فرع من فروع القضاء الذي يختص بالفصل في المنازعات الإدارية بين الأفراد والإدارة العامة.

اختصاصات القضاء الإداري

***الفصل في المنازعات الإدارية: يختص القضاء الإداري بالفصل في جميع المنازعات التي تنشأ بين الأفراد والإدارة العامة، مثل دعاوى إلغاء القرارات الإدارية ودعاوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن أعمال الإدارة.
صورة القضاء الإداري
***الرقابة على أعمال الإدارة: يختص القضاء الإداري أيضًا بالرقابة على أعمال الإدارة، وذلك للتأكد من مطابقتها للقانون.
***تطوير القانون الإداري: يلعب القضاء الإداري دورًا مهمًا في تطوير القانون الإداري، وذلك من خلال أحكامه التي تصدر في المنازعات الإدارية.

أنواع القضاء الإداري

يمكن تقسيم القضاء الإداري إلى عدة أنواع، وذلك حسب اختصاصاته ودرجة تعلقه بالإدارة العامة، منها:

***القضاء الإداري المستقل: هو القضاء الذي يختص بالفصل في جميع المنازعات الإدارية، دون ارتباطه بأي جهة أخرى.
***القضاء الإداري المقيد: هو القضاء الذي يختص بالفصل في بعض المنازعات الإدارية فقط، مثل القضاء العسكري أو القضاء الجمركي.
***القضاء الإداري المحلي: هو القضاء الذي يختص بالفصل في المنازعات الإدارية التي تنشأ داخل منطقة معينة، مثل القضاء الإداري المحلي في مصر.

أهمية القضاء الإداري

تتمثل أهمية القضاء الإداري في مجموعة من الجوانب، منها:

***حماية حقوق الأفراد: يساهم القضاء الإداري في حماية حقوق الأفراد من تعسف الإدارة، وذلك من خلال الفصل في المنازعات الإدارية التي تنشأ بينهم وبين الإدارة.
***تحقيق العدالة الإدارية: يساهم القضاء الإداري في تحقيق العدالة الإدارية، وذلك من خلال ضمان تطبيق القانون على الإدارة العامة.
***تطوير القانون الإداري: يلعب القضاء الإداري دورًا مهمًا في تطوير القانون الإداري، وذلك من خلال أحكامه التي تصدر في المنازعات الإدارية.

العرف الإداري في القانون الجزائري:

يعتبر العرف الإداري مصدرًا من مصادر القانون الإداري في الجزائر، وذلك على أساس نص المادة 1 من القانون المدني الجزائري التي تنص على أن “القواعد القانونية هي قواعد عامة مجردة تنظم سلوك الأفراد في المجتمع”.

ويُعرف العرف الإداري بأنه “مجموعة القواعد التي درجت الإدارة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجال معين من نشاطها، وأصبحت هذه القواعد ملزمة لها، بحيث لا يجوز لها مخالفتها”.

لكي يصبح سلوك الإدارة عرفًا إداريًا، يجب أن يتوافر فيه ركنان أساسيان:

الركن المادي: ويتمثل في اعتياد جهة الإدارة على إتباع سلوك معين في نشاط معين، وقد يكون هذا الاعتياد إيجابيًا يظهر في صورة القيام بعمل، كما يمكن أن يكون سلبيًا في صورة الامتناع عن القيام بعمل ما، على أن يكون هذا العمل أو الامتناع بشكل ثابت ومستقر ويتكرر في الحالات المماثلة بشرط أن يمضى الزمن الكافي لاستقراره، وتقدير ما إذا كانت هذه المدة كافيه لوجود العرف من عدمه أمر مرجعه إلى القضاء.

الركن المعنوي: ويتمثل في اعتقاد جهة الإدارة بأن هذا السلوك ملزم لها، أي أن الإدارة تعتقد أن عليها الالتزام بهذا السلوك، وأن مخالفته يشكل مخالفة للمشروعية.

ويعتبر العرف الإداري الآمر هو النوع الأكثر شيوعًا في القانون الجزائري، وهو العرف الذي يلزم الإدارة بتطبيقه، ولا يجوز لها مخالفته.

ومثال على ذلك، اعتياد الإدارة على منح الموظفين العموميين إجازات مرضية خلال فترة مرضهم، فهذا العرف يلزم الإدارة بمنح الموظفين العموميين إجازات مرضية، ولا يجوز لها مخالفة هذا العرف.

ويلعب العرف الإداري دورًا مهمًا في القانون الجزائري، فهو يساهم في سد الثغرات الموجودة في التشريعات الإدارية، كما أنه يساهم في تطوير القانون الإداري وجعله أكثر مرونة وملاءمة للاحتياجات الاجتماعية.

فعندما يصدر عرف إداري يلزم الإدارة بسلوك معين، فإنه يُعد دليلًا على أن هذا السلوك هو المتوافق مع المصلحة العامة، وبالتالي يصعب على الإدارة أن تخالفه دون أن تبرر ذلك بمبررات قوية.

وهذا بدوره يحمي حقوق الأفراد من تعسف الإدارة، حيث يضمن لهم أن الإدارة لن تصدر قرارات أو تتبع إجراءات تخالف ما هو ملزم لها به.

على سبيل المثال، إذا اعتادت الإدارة على قبول طلبات الترخيص في مواعيد محددة، فإن هذا العرف يحمي الأفراد من أن ترفض الإدارة طلباتهم دون مبرر، حيث يُعد ذلك مخالفة للعرف الإداري الملزم.

شروط العمل بالعرف الاداري:

يمكن القول أن شروط العمل بالعرف الإداري هي كالتالي:

  1. أن يكون العرف ثابتًا ومستقرًا: أي أن يكون قد تكرر في الحالات المماثلة لفترة طويلة من الزمن، بحيث يُصبح جزءًا من ممارسات الإدارة اليومية.
  2. أن يكون العرف عامًا ومشتركًا: أي أن يكون متبعًا من قبل جميع الجهات الإدارية المختصة في مجال معين، وليس جهة إدارية معينة فقط.
  3. أن يكون العرف صريحًا أو ضمنيًا: أي أن يكون قد تم التعبير عنه صراحةً، أو يمكن استنتاجه من سلوك الإدارة.
  4. أن يكون العرف متوافقًا مع القانون: أي أن لا يخالف قواعد القانون أو مبادئه العامة.

وإذا لم تتوافر هذه الشروط، فلا يُعد السلوك الذي تتبعه الإدارة عرفًا إداريًا، ولا يلزمها الالتزام به.

لماذا العرف هو المصدر الاخير في القانون الاداري؟

العرف هو المصدر الأخير في القانون الإداري لعدة أسباب، منها:

  • أهمية التشريع: يعتبر التشريع المصدر الأول للقانون الإداري، وذلك لأنه يصدر عن السلطة التشريعية، وهي السلطة التي يناط بها وضع القواعد القانونية العامة والمجردة التي تنظم نشاط الإدارة العامة.
  • سمو القانون: يعتبر القانون أعلى مرتبة من العرف، وذلك لأن القانون يصدر عن السلطة التشريعية، وهي السلطة التي تتمتع بالسيادة في الدولة، بينما يصدر العرف عن الإدارة العامة، وهي السلطة التنفيذية.
  • ضرورة اليقين القانوني: يتميز القانون بالوضوح والدقة، مما يوفر اليقين القانوني للأفراد والإدارة، بينما قد يكون العرف غير واضح أو غامض، مما يسبب عدم اليقين القانوني.
  • الحاجة إلى سرعة إصدار القواعد القانونية: قد تحتاج الإدارة العامة إلى إصدار قواعد قانونية بسرعة لتلبية متطلبات المصلحة العامة، وهذا الأمر قد لا يتوفر في حالة العرف، الذي يتطلب وقتًا طويلًا لتكوينه.

وبناءً على ذلك، فإن العرف يعد مصدرًا ثانويًا للقانون الإداري، وهو يُطبق فقط في حالة عدم وجود نص تشريعي ينظم موضوعًا معينًا، أو إذا كان النص التشريعي غير واضح أو غامض.

ولكن، تجدر الإشارة إلى أن القضاء الإداري في بعض الدول يأخذ موقفًا إيجابيًا من العرف الإداري، ويعطيه أهمية كبيرة، وذلك من أجل سد الثغرات الموجودة في التشريعات الإدارية، وتطوير القانون الإداري وجعله أكثر مرونة وملاءمة للاحتياجات الاجتماعية.

في الختام، يظهر العرف الإداري كعنصر أساسي في القانون والإدارة، حيث يشكل تراثًا ثقافيًا وتقليديًا يؤثر بشكل كبير على سير العمل الحكومي واتخاذ القرارات الإدارية. إن فهم هذا العرف واستيعابه يساهم في تحسين الأداء الإداري وتطوير السياسات العامة بشكل أفضل وأكثر فعالية.
باعتباره عنصرًا حيويًا في عمليات الحكم والإدارة، يجب أن يتم مراعاة العرف الإداري عند صياغة السياسات واتخاذ القرارات الحكومية، وفي الوقت نفسه يجب تطويره وتحسينه بما يتناسب مع التغيرات والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة.
في نهاية المطاف، يجب أن نفهم أن العرف الإداري ليس مجرد تقليد قائم دون تغيير، بل يمكن أن يتطور ويتكيف مع تحديات العصر الجديد، مما يساهم في تحقيق التطور والتحسين المستمر في أداء الحكومات والمؤسسات العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *