العقد العرفي في العقار

العقد العرفي في العقار وشروطه وهل العقد العرفي معترف به

العقد العرفي في العقار وشروطه وهل العقد العرفي معترف به , منذ فجر التاريخ، كانت الممتلكات العقارية تشكل جزءاً أساسياً من الثروات والموارد التي يسعى الناس لامتلاكها واستثمارها. ومع تطور المجتمعات وتعقيدات الحياة الحديثة، ظهرت الحاجة إلى آليات قانونية لتنظيم العلاقات المتعلقة بالعقارات. ومن بين هذه الآليات يبرز العقد العرفي كوسيلة مهمة في تحقيق الاتفاقات العقارية.
العقد العرفي يشكل نوعاً من العقود المعترف بها قانونياً في العديد من النظم القانونية حول العالم، حيث يعتمد على التفاهم والتعاقد المباشر بين الأطراف دون الحاجة إلى وسيط رسمي أو توثيق كتابي. وفي سياق العقارات، يلعب العقد العرفي دوراً مهماً في تسهيل عمليات البيع والشراء والإيجار وغيرها من الصفقات العقارية.
يتميز العقد العرفي في العقار بالبساطة والمرونة، حيث يمكن للأطراف التفاوض على الشروط والتفاصيل بحرية وفقاً لما يتناسب مع احتياجاتهم وظروفهم الفردية. ومع ذلك، فإن هذا النوع من العقود قد يتسبب في بعض التحديات والمشاكل، خاصة عندما ينشأ نزاع بين الأطراف بشأن شروط العقد أو تفسيرها نظراً لعدم وجود وثيقة رسمية تحدد الالتزامات.
بما أن العقد العرفي في العقار يعتمد بشكل كبير على الثقة والتفاهم المباشر بين الأطراف، فإنه يتطلب درجة عالية من النزاهة والشفافية لضمان حقوق كل طرف وتجنب النزاعات. وعلى الرغم من ذلك، فإن العقد العرفي يظل أداة فعالة في تسهيل التعاملات العقارية، خاصة في الأوقات التي قد تكون فيها الإجراءات الرسمية معقدة أو مكلفة للغاية.
باختصار، يمثل العقد العرفي في العقار جانباً مهماً من آليات التعامل العقاري، حيث يوفر مرونة وسهولة في إبرام الصفقات، ولكن يجب استخدامه بحذر ووعي لتجنب النزاعات وضمان حقوق الأطراف المتعاقدة.

تعريف العقد العرفي في العقار:

العقد العرفي هو عقد يتم تحريره من قبل طرفين أو أكثر دون تدخل من موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، مثل: كاتب عدل.

مميزات العقد العرفي:

*سهولة تحريره: لا يتطلب إجراءات رسمية معقدة.

*قلة التكلفة: لا يتطلب رسومًا رسمية عالية.

*سرعة إنجازه: يمكن تحريره وإنجازه في وقت قصير.

عيوب العقد العرفي:

*صعوبة إثباته: قد يكون من الصعب إثبات صحته في حال نشأ نزاع بين المتعاقدين.

*عدم ضمان حماية حقوق الأطراف: قد لا يحمي حقوق جميع الأطراف بشكل كامل.

*عدم إمكانية رهن العقار: لا يمكن رهن العقار محل العقد العرفي.

العقد العرفي هو أداة قانونية يمكن استخدامها في بعض الحالات، لكن يجب على الأطراف المتعاقدة إدراك مزاياها وعيوبها قبل إبرامه.

شروط صحة العقد العرفي:

يُعد العقد العرفي صحيحًا إذا استوفى الشروط التالية:

*الرضا: يجب أن يكون المتعاقدان راضيين عن إبرام العقد، وأن لا يكون هناك أي إكراه أو غلط أو تدليس.
*الأهلية: يجب أن يكون المتعاقدان بالغين عاقلين سليمي الحواس، وأن لا يكونا محجورين عليهما.
*المحل: يجب أن يكون هناك محل للعقد، أي شيء يُمكن بيعه وشراؤه.
*السبب: يجب أن يكون هناك سبب مشروع للعقد، أي هدف مشروع من وراء إبرامه.
*الشكل: لا يشترط القانون كتابة العقد العرفي، لكن يُفضل كتابة على ورقة رسمية مُختومة.

شروط إضافية:

*تحديد الثمن: يجب تحديد ثمن المبيع بشكل واضح.
*تحديد المبيع: يجب تحديد المبيع بشكل واضح، مع ذكر جميع صفاته وخصائص.
*التسليم: يجب على البائع تسليم المبيع للمشتري في الوقت المحدد.
*الدفع: يجب على المشتري دفع ثمن المبيع في الوقت المحدد.

في حال انعدام أي من هذه الشروط، قد يُعتبر العقد باطلاً، ويُمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه.

تحويل العقد العرفي إلى عقد ملكية:

يُمكن تحويل العقد العرفي إلى عقد ملكية رسمي من خلال الخطوات التالية:

1. توثيق العقد:

يجب توثيق العقد العرفي في الشهر العقاري.
سيتطلب ذلك تقديم بعض الأوراق، مثل:

  • نسخة من العقد العرفي.
  • إقرار من البائع والمشتري بصحة العقد.
  • سندات ملكية البائع.
  • أي أوراق أخرى قد يطلبها الشهر العقاري.

2. دفع الرسوم:

سيتطلب توثيق العقد دفع بعض الرسوم، مثل:

  • رسوم التوثيق.
  • رسوم التسجيل.

3. الحصول على عقد ملكية رسمي:

بعد توثيق العقد، سيصدر الشهر العقاري عقد ملكية رسمي.
سيُسجل هذا العقد باسم المشتري.

فوائد تحويل العقد العرفي إلى عقد ملكية رسمي:

ضمان حماية حقوق الأطراف.
إمكانية رهن العقار.
إمكانية بيع العقار بسهولة أكبر.

عيوب تحويل العقد العرفي إلى عقد ملكية رسمي:

تتطلب إجراءات رسمية معقدة.
تتطلب دفع رسوم.
قد تستغرق وقتًا طويلاً.

عقد عرفي عند كاتب عمومي:

العقد العرفي عند كاتب عمومي هو عقد يتم تحريره من قبل كاتب عمومي دون تدخل من موظف عام.

مميزات تحرير عقد عرفي عند كاتب عمومي:

خبرة الكاتب العمومي: يتمتع الكاتب العمومي بخبرة في كتابة العقود، مما يُساعد على كتابة عقد دقيق وواضح.
إمكانية الحصول على مشورة قانونية: قد يُقدم الكاتب العمومي بعض النصائح القانونية للأطراف المتعاقدة.
إمكانية توثيق العقد: يمكن للكاتب العمومي توثيق العقد في الشهر العقاري.

تحرير عقد عرفي عند كاتب عمومي هو خيارٌ مناسب في بعض الحالات، لكن يجب على الأطراف المتعاقدة إدراك مزاياها وعيوبها قبل إبرامه.

إبطال العقد العرفي في القانون الجزائري:

يُمكن إبطال العقد العرفي في القانون الجزائري لأسباب مختلفة، منها:

  • عدم الأهلية: إذا كان أحد المتعاقدين غير أهل للتعاقد، مثل القاصر أو المُحَجَّر عليه.
  • الإكراه: إذا تم إجبار أحد المتعاقدين على إبرام العقد.
  • الغلط: إذا وقع أحد المتعاقدين في غلط بشأن موضوع العقد أو شروطه.
  • التدليس: إذا قام أحد المتعاقدين بخداع المتعاقد الآخر لإبرام العقد.
  • الغبن: إذا كان هناك غبن فاحش في ثمن المبيع.
  • عدم استيفاء الشكلية القانونية: إذا اشترط القانون كتابة العقد بشكل رسمي، ولم يتم ذلك.
  • مخالفة النظام العام: إذا كان العقد مخالفًا للنظام العام أو الآداب العامة.

يُمكن للمتضرر من العقد العرفي المطالبة بإبطاله من خلال رفع دعوى قضائية.

ستُنظر المحكمة في الدعوى وتُصدر حكمها بإبطال العقد أو رفض الدعوى.

في حال تم إبطال العقد، ستُرجع الأطراف إلى الحالة التي كانت عليها قبل إبرامه.

حجية العقد العرفي في إثبات الملكية العقارية:

يُعد العقد العرفي حجة في إثبات الملكية العقارية في بعض الحالات، منها:

إذا كان ثابت التاريخ:

يُمكن إثبات تاريخ العقد العرفي من خلال:

*تسجيله في الشهر العقاري.
*كتابة تاريخه على يد موظف عام.
*وجود إقرار من أحد الورثة.
*أي وسيلة أخرى تُثبت تاريخه.

إذا كان مُستندًا إلى قرينة قوية:

*مثل حيازة العقار مدة طويلة.
*دفع الضرائب العقارية.
*وجود إقرار من البائع بالبيع.

إذا اعترف به الخصم:

*إذا اعترف الخصم بصحة العقد العرفي، يُصبح حجة قاطعة في إثبات الملكية العقارية.
*في حال لم يكن العقد العرفي ثابت التاريخ أو مُستندًا إلى قرينة قوية، فلن يكون حجة قاطعة في إثبات الملكية العقارية.

لكن، قد يُستخدم كدليل إثبات في المحكمة.

دعوى بطلان عقد بيع للمورث:

يمكن للورثة إقامة دعوى بطلان عقد بيع للمورث في بعض الحالات، منها:

  • إذا كان العقد قد تم إبرامه دون علم أو موافقة الورثة.
  • إذا كان العقد قد تم إبرامه تحت ضغط أو إكراه.
  • إذا كان العقد قد تم إبرامه بسوء نية من قبل المشتري.
  • إذا كان العقد قد تم إبرامه بثمن بخس.
  • إذا كان العقد قد تم إبرامه بالمخالفة للقانون.

يجب على الورثة تقديم أدلة تدعم دعواهم، مثل:

  • عقد البيع.
  • شهادات الشهود.
  • تقارير الخبراء.
  • أي وثائق أخرى تدعم دعواهم.

ستُنظر المحكمة في الدعوى وتُصدر حكمها بإبطال العقد أو رفض الدعوى.

في حال تم إبطال العقد، ستُرجع الأطراف إلى الحالة التي كانت عليها قبل إبرامه.
في بعض الحالات، قد يكون من الأفضل التوصل إلى تسوية ودية مع المشتري بدلاً من إقامة دعوى قضائية.

يُمكن كتابة عقد تسوية ودية بين الورثة والمشتري، ويجب أن يتضمن هذا العقد:

  • شروط التسوية.
  • التنازل عن أي حقوق من قبل الورثة أو المشتري.
  • التوقيع على العقد من قبل جميع الأطراف.
  • يجب توثيق عقد التسوية الودية في الشهر العقاري.

في حال نشأ نزاع بين الورثة حول كيفية تقسيم ثمن العقار بعد إبطال العقد، يمكن اللجوء إلى القضاء لحل النزاع.

هل العقد العرفي قانوني:

يُعد العقد العرفي قانونيًا في بعض الحالات، لكن قد لا يكون له نفس قوة العقد الرسمي.

فيما يلي بعض الأحكام العامة للعقود العرفية:

***يجب أن تتوافر في العقد العرفي جميع الشروط اللازمة لصحة العقد، مثل الأهلية والرضا والسبب والمحل.

***يُمكن إثبات العقد العرفي بكافة طرق الإثبات، مثل الكتابة والشهادة والقرائن.

***يُمكن توثيق العقد العرفي في الشهر العقاري، لكن هذا الإجراء ليس إلزاميًا.

***في حال نشأ نزاع بين المتعاقدين حول العقد العرفي، يمكن اللجوء إلى القضاء لحل النزاع.

هل العقد العرفي معترف به في المحكمة؟

تؤكد أحكام القضاء على الاعتراف بالعقد العرفي في المحكمة المصرية، وذلك تماشياً مع المادة 17 من القانون المدني المصري التي تنص على أن “الكتابة ليست شرطاً لصحة العقد، إلا إذا اشترط القانون ذلك”.

وإليكم بعض الأمثلة على أحكام القضاء التي تؤكد ذلك:

*حكم محكمة النقض رقم 10 لسنة 33 قضائية*: “لا يشترط في إثبات عقد الزواج العرفي تقديم العقد ذاته، بل يكفي أن يثبت بالبينة وحصول المعاشرة الزوجية في ظله.”

*حكم محكمة الأسرة بالزقازيق رقم 184 لسنة 2019*: “يُمكن إثبات عقد الزواج العرفي بشهادة الشهود أو أن يقر الطرف الذي أنكر الزواج به أو أن يطلب من الطرف المنكر أن يؤدي اليمين بأنه غير متزوج فيرفض تأدية اليمين.”

لذا، فإن العقد العرفي له حجية في إثبات الحقوق في المحكمة، شريطة أن يتم إثباته بالطرق القانونية المقبولة.

في ختام هذا المقال، ندرك أن العقد العرفي في العقار يشكل جزءاً لا يتجزأ من التعاملات العقارية، حيث يوفر وسيلة مرونة وسهولة في إبرام الصفقات. ومع ذلك، يجب أن ندرك أيضاً أنه رغم بساطته، فإن العقد العرفي قد يُعرض الأطراف لبعض المخاطر والتحديات، خاصة فيما يتعلق بتفسير الشروط والثغرات القانونية التي قد تنشأ في حالة النزاع.
لذلك، ينبغي على الأطراف المتعاقدة أن تتعامل بحذر ووعي عند اللجوء إلى العقد العرفي، وأن تسعى لتحقيق درجة عالية من الشفافية والنزاهة في جميع جوانب الصفقة العقارية. كما يجب عليها البحث عن المشورة القانونية المناسبة لضمان توثيق الاتفاق بشكل يحمي حقوقهم ويحد من المخاطر المحتملة.
في النهاية، يظل العقد العرفي أداة فعالة في عمليات التعامل العقاري، شريطة أن يتم استخدامها بحكمة وتقدير لتحقيق الاستقرار والثقة بين الأطراف المتعاقدة، ولتعزيز التنمية العقارية بشكل عام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *