شروط الاستحسان

شروط الاستحسان في القانون وأهم 2 أنواع للأستحسان

شروط الاستحسان في القانون وأهم 2 أنواع للأستحسان , تعتبر مفاهيم الاستحسان والعدالة من أهم مفاهيم القانون التي تشكل أساساً للنظام القانوني في معظم الدول حول العالم. وعلى الرغم من أن الاستحسان غالباً ما يُعتبر مفهوماً غامضاً ومتغيراً وفقاً للسياق الثقافي والقانوني الخاص بكل دولة، إلا أنه يحمل دوراً أساسياً في تشكيل وتطور القوانين والسياسات العامة.
إن مفهوم الاستحسان يتعامل مع تقدير مدى توافق القوانين والأنظمة القانونية مع معايير العدالة والمساواة. وهذا يعني أنه لا يمكن للقانون أن يكون عبارة عن مجرد مجموعة من القواعد واللوائح، بل يجب أن يكون قائماً على مبادئ العدالة والاستحقاق. على سبيل المثال، قد تتغير تفاصيل القوانين من دولة إلى أخرى، ولكن المبادئ الأساسية للعدالة والاستحسان يجب أن تكون موجودة في جميع الأنظمة القانونية.
تلعب مفاهيم الاستحسان والعدالة دوراً هاماً في حماية حقوق الأفراد والمجتمعات وضمان توزيع العدالة بشكل عادل. وتحمل القوانين والنظم القانونية التي تعتمد على مبادئ الاستحسان تبعات كبيرة على التشريع والقضاء والسياسات العامة.
هذا المقال سيتناول مفهوم الاستحسان في القانون بمزيد من التفصيل، وسيبحث في كيفية تطبيقه في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والقانونية. سنستعرض أيضاً أمثلة على كيفية تحقيق الاستحسان من خلال تطوير القوانين والسياسات العامة ودوره في تحقيق العدالة وتعزيز حكم القانون.

تعريف الاستحسان:

تعريف الاستحسان في القانون الاستحسان في القانون هو: العدول عن حكم مقرر في القانون إلى حكم آخر بناءً على اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية.

ومعنى ذلك أن القاضي إذا رأى أن الحكم المقرر في القانون في واقعة معينة يؤدي إلى مفسدة أو ظلم أو ضرر، فإنه يجوز له أن يخالف هذا الحكم ويصدر حكمًا آخر لتلك الواقعة بناءً على اعتبارات أخرى يراها أكثر عدلاً أو مصلحةً.

الاستحسان مشتق من الحسن، والحسن ضد القبح، واستحسن الشيء أي عده حسنًا.

اصطلاحا

الاستحسان في اصطلاح الأصوليين هو: عدول المجتهد عن مقتضى قياس جلي إلى مقتضى قياس خفي، أو عن حكم كلي إلى حكم استثنائي لدليل انقدح في عقله رجح لديه هذا العدول.

ومعنى ذلك أن المجتهد إذا رأى أن الحكم الكلي الذي ينطبق على واقعة معينة يؤدي إلى مفسدة، أو أن القياس الجلي الذي يجريه على هذه الواقعة يؤدي إلى حكم غير عادل، فإنه يجوز له أن يخالف هذا الحكم الكلي أو هذا القياس الجلي ويصدر حكمًا آخر لتلك الواقعة بناءً على دليل آخر أقوى منه.

ومثال ذلك: إذا رأى المجتهد أن بيع الطعام قبل قبضه محرم شرعًا، لكنه رأى أن هذا الحكم يؤدي إلى ضرر كبير بالتجار، فإنه يجوز له أن يستحسن خلاف هذا الحكم ويجوز له أن يبيع الطعام قبل قبضه.

ومثال آخر: إذا رأى المجتهد أن القياس الجلي يقضي بوجوب حد القذف على كل من قذف غيره، لكنه رأى أن هذا الحكم يؤدي إلى ظلم المرأة التي قُذفت، فإنه يجوز له أن يستحسن خلاف هذا الحكم ويجوز له أن يحكم بعدم وجوب حد القذف على المرأة التي قُذفت.

وقد اختلف الأصوليون في اعتبار الاستحسان دليلاً من أدلة التشريع الإسلامي، فذهب جمهورهم إلى اعتباره دليلاً شرعيًا، وذهب بعض المالكية والشافعية إلى عدم اعتباره دليلاً شرعيًا.

أنواع الاستحسان:

ينقسم الاستحسان في القانون إلى نوعين رئيسيين:.

الاستحسان القانوني

هو الاستحسان الذي يستند إلى اعتبارات قانونية، مثل:

اعتبارات العدالة والمصلحة العامة: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن الحكم المقرر في القانون يؤدي إلى ظلم أو ضرر، فإنه يجوز له أن يستحسن خلاف هذا الحكم ويصدر حكمًا آخر أكثر عدلاً أو مصلحةً.

اعتبارات عدم التعارض مع القواعد القانونية الأخرى: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن الاستحسان يؤدي إلى مخالفة قاعدة قانونية أخرى، فإنه لا يجوز له أن يستحسن خلاف هذا الحكم.

اعتبارات التناسب بين العقوبة والجريمة: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن العقوبة المقررة لجريمة معينة غير تناسبية مع جسامة الجريمة، فإنه يجوز له أن يستحسن تخفيض العقوبة أو إلغائها.

الاستحسان الاجتماعي

هو الاستحسان الذي يستند إلى اعتبارات اجتماعية، مثل:

اعتبارات التطور الاجتماعي والتغيرات في العرف: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن العرف السائد في المجتمع قد تغير، فإنه يجوز له أن يستحسن تعديل الحكم المقرر في القانون ليتوافق مع هذا التغيير.

اعتبارات العادات والتقاليد: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع تقتضي استثناء بعض التصرفات من القواعد القانونية العامة، فإنه يجوز له أن يستحسن هذا الاستثناء.

اعتبارات الملاءمة مع طبيعة المجتمع وثقافته: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن الحكم المقرر في القانون غير ملائم مع طبيعة المجتمع وثقافته، فإنه يجوز له أن يستحسن خلاف هذا الحكم.

شروط الاستحسان:

لكي يجوز للقاضي أن يستحسن الحكم في واقعة معينة، يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:

الشرط الأول: أن يكون الحكم المقرر في القانون ظالمًا أو مفسدًا أو مضرًا

الشرط الأول هو شرط أساسي للاستحسان، فلا يجوز للقاضي أن يستحسن الحكم المقرر في القانون إلا إذا كان هذا الحكم ظالمًا أو مفسدًا أو مضرًا.

ويقصد بالظلم: أي حكم يلحق الضرر بأحد الأطراف دون وجه حق.

ويقصد بالفساد: أي حكم يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة.

ويقصد بالضرر: أي حكم يؤدي إلى إلحاق الضرر بأحد الأطراف أو المجتمع.

فإذا لم يكن الحكم المقرر في القانون ظالمًا أو مفسدًا أو مضرًا، فلا يجوز للقاضي أن يستحسن خلافه.

الشرط الثاني: أن يكون الاستحسان مبنيًا على اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية مقبولة

الشرط الثاني هو شرط مهم للاستحسان، فلا يجوز للقاضي أن يستحسن الحكم في واقعة معينة إلا إذا كان الاستحسان مبنيًا على اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية مقبولة.

ومن أمثلة هذه الاعتبارات:

  • اعتبارات العدالة والمصلحة العامة: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن الحكم المقرر في القانون يؤدي إلى ظلم أو ضرر، فإنه يجوز له أن يستحسن خلاف هذا الحكم ويصدر حكمًا آخر أكثر عدلاً أو مصلحةً.
  • اعتبارات التطور الاجتماعي والتغيرات في العرف: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن العرف السائد في المجتمع قد تغير، فإنه يجوز له أن يستحسن تعديل الحكم المقرر في القانون ليتوافق مع هذا التغيير.
  • اعتبارات العادات والتقاليد: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع تقتضي استثناء بعض التصرفات من القواعد القانونية العامة، فإنه يجوز له أن يستحسن هذا الاستثناء.
  • اعتبارات الملاءمة مع طبيعة المجتمع وثقافته: فمثلاً، إذا رأى القاضي أن الحكم المقرر في القانون غير ملائم مع طبيعة المجتمع وثقافته، فإنه يجوز له أن يستحسن خلاف هذا الحكم.

فإذا لم يكن الاستحسان مبنيًا على اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية مقبولة، فإنه لا يجوز للقاضي أن يستحسنه.

الشرط الثالث: أن يكون الاستحسان لا يخالف القواعد القانونية الأخرى

الشرط الثالث هو شرط أساسي للاستحسان، فلا يجوز للقاضي أن يستحسن الحكم في واقعة معينة إلا إذا كان الاستحسان لا يخالف القواعد القانونية الأخرى.

فإذا كان الاستحسان يخالف القواعد القانونية الأخرى، فإنه لا يجوز للقاضي أن يستحسنه، لأن ذلك يؤدي إلى عدم استقرار الأحكام القانونية.

فمثلاً، إذا رأى القاضي أن الاستحسان يقضي بتطبيق عقوبة أشد من العقوبة المقررة في القانون، فإنه لا يجوز له أن يستحسن ذلك، لأن ذلك يخالف القاعدة القانونية التي تقضي بأن العقوبة يجب أن تكون تناسبية مع الجريمة.

وهكذا، فإن هذه الشروط الثلاثة هي التي تحدد مدى جواز تطبيق الاستحسان في القانون.

أمثلة عن الاستحسان:

أمثلة عن الاستحسان في القانون

فيما يلي بعض الأمثلة على الاستحسان في القانون:

في مجال العقود:

  • الاستثناء من قاعدة صحة العقود المكتوبة في مجال العقود التجارية: حيث يجوز للقاضي أن يستحسن تطبيق العقد التجاري ولو لم يكن مكتوباً، وذلك بناءً على اعتبارات اقتصادية تقتضي تيسير التعامل التجاري.
  • الاستثناء من قاعدة صحة العقود المبرمة بين الأقارب في مجال العقود العينية: حيث يجوز للقاضي أن يستحسن تطبيق العقد المبرم بين الأقارب ولو كان باطلاً، وذلك بناءً على اعتبارات اجتماعية تقتضي الحفاظ على صلة الرحم.

في مجال العقوبات:

  • تخفيض عقوبة السجن إلى عقوبة الغرامة في حالة جرائم النشل البسيطة: حيث يجوز للقاضي أن يستحسن تخفيض العقوبة المقررة لجريمة النشل البسيطة، وذلك بناءً على اعتبارات إنسانية تقتضي مراعاة ظروف المتهم.
  • توقيع عقوبة الحبس مع وقف التنفيذ في حالة جرائم المرور البسيطة: حيث يجوز للقاضي أن يستحسن توقيع عقوبة الحبس مع وقف التنفيذ في حالة جرائم المرور البسيطة، وذلك بناءً على اعتبارات اجتماعية تقتضي تخفيف العبء عن السجون.

في مجال القانون المدني:

  • تفسير النص القانوني الخاص بصلاحية التعاقد تفسيرًا واسعًا ليشمل الأشخاص ذوي الإعاقة: حيث يجوز للقاضي أن يستحسن تفسير النص القانوني الخاص بصلاحية التعاقد تفسيرًا واسعًا ليشمل الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك بناءً على اعتبارات إنسانية تقتضي مراعاة حقوقهم.
  • تفسير النص القانوني الخاص بحق الملكية تفسيرًا ضيقًا ليراعي حقوق الغير: حيث يجوز للقاضي أن يستحسن تفسير النص القانوني الخاص بحق الملكية تفسيرًا ضيقًا ليراعي حقوق الغير، وذلك بناءً على اعتبارات العدالة والمصلحة العامة.

الفرق بين الاستحسان والقياس:

الاستحسان والقياس هما من الأدلة الشرعية التي يعتمد عليها المجتهد في استنباط الأحكام الشرعية، ولكن هناك بعض الاختلافات الجوهرية بينهما، وهي:

الاستحسان

  • يعتمد على العقل، حيث يقوم المجتهد باستنباط حكم شرعي جديد بناءً على ما يراه عقله أصلح أو أعدل.
  • يُطبق في الأحكام الشرعية التي ورد بها نص، وذلك لتعديل الحكم المقرر في النص بما يحقق المصلحة العامة أو العدالة.
  • يخضع لشروط معينة، منها أن يكون الحكم المقرر في القانون ظالمًا أو مفسدًا أو مضرًا، وأن يكون الاستحسان مبنيًا على اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية مقبولة، وأن يكون الاستحسان لا يخالف القواعد القانونية الأخرى.

القياس

  • يعتمد على النص أو الإجماع، حيث يقوم المجتهد باستنباط حكم شرعي جديد بناءً على وجود علة مشتركة بين أمر لم يرد به نص ولا إجماع، وبين أمر ورد به نص أو إجماع.
  • يُطبق في الأحكام الشرعية التي لم يرد بها نص، وذلك لسد الفراغ التشريعي.
  • يخضع لشروط معينة، منها أن يكون الحكم المستنبط من القياس مطابقًا للنص أو الإجماع، وأن يكون الحكم المستنبط من القياس مطابقًا للقواعد العامة للشرع، وأن يكون الحكم المستنبط من القياس غير مخالف للعقل.

وخلاصة القول أن الاستحسان والقياس هما من الأدلة الشرعية التي يعتمد عليها المجتهد في استنباط الأحكام الشرعية، ولكن هناك بعض الاختلافات الجوهرية بينهما، منها أن الاستحسان يعتمد على العقل، بينما يعتمد القياس على النص أو الإجماع، وأن الاستحسان يُطبق في الأحكام الشرعية التي ورد بها نص، بينما يُطبق القياس في الأحكام الشرعية التي لم يرد بها نص، وأن الاستحسان يُطبق بهدف تحقيق المصلحة العامة أو العدالة، بينما يُطبق القياس بهدف سد الفراغ التشريعي.

ومن الأمثلة على الاستحسان:

  • استحسان بيع الطعام قبل قبضه، وذلك بناءً على اعتبارات اقتصادية تقتضي تيسير التعامل التجاري.
  • استحسان عدم وجوب حد القذف على المرأة التي قُذفت، وذلك بناءً على اعتبارات إنسانية تقتضي مراعاة كرامة المرأة.

ومن الأمثلة على القياس:

  • قياس الربا في البيع على الربا في القرض، وذلك بناءً على العلة المشتركة بينهما وهي استغلال حاجة المدين.
  • قياس الطلاق بالكتابة على الطلاق بالوكالة، وذلك بناءً على العلة المشتركة بينهما وهي حصول الطلاق بقصد من الزوج.

حجية الاستحسان:

اختلف الأصوليون في حجية الاستحسان، فذهب الجمهور إلى اعتباره دليلاً شرعيًا، وذهب بعض المالكية والشافعية إلى عدم اعتباره دليلاً شرعيًا.

حجة الجمهور

حجة الجمهور على اعتبار الاستحسان دليلاً شرعيًا:

  • أن الاستحسان يستند إلى العقل، والعقل من أهم الأدلة الشرعية.
  • أن الاستحسان يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة أو العدالة، وهي من مقاصد الشريعة الإسلامية.
  • أن الاستحسان قد وردت به أدلة شرعية، منها:

***ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من استحسان بعض الأحكام، مثل استحسانه بيع الطعام قبل قبضه.
***ما ورد عن الصحابة من استحسان بعض الأحكام، مثل استحسانهم عدم وجوب حد القذف على المرأة التي قُذفت.

حجة بعض المالكية والشافعية

حجة بعض المالكية والشافعية على عدم اعتبار الاستحسان دليلاً شرعيًا:

  • أن الاستحسان يعتمد على رأي المجتهد، وهو قد يخطئ في رأيه.
  • أن الاستحسان قد يؤدي إلى التعارض مع النص أو الإجماع.

الرأي الراجح

الرأي الراجح هو رأي الجمهور، وهو اعتبار الاستحسان دليلاً شرعيًا، وذلك للأسباب المذكورة آنفًا.

ولكن يجب أن يكون الاستحسان مبنيًا على شروط معينة، منها:

  • أن يكون الحكم المقرر في القانون ظالمًا أو مفسدًا أو مضرًا.
  • أن يكون الاستحسان مبنيًا على اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية مقبولة.
  • أن يكون الاستحسان لا يخالف القواعد القانونية الأخرى.

وإذا تحققت هذه الشروط، فإن الاستحسان يكون حجة في استنباط الأحكام الشرعية.

مثال على الاستحسان بالمصلحة:

الاستحسان بالمصلحة هو العدول عن حكم كلي إلى حكم استثنائي لدليل انقدح في نفس المجتهد رجح لديه هذا العدول، وذلك بناءً على اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية مقبولة.

ومعنى ذلك أن المجتهد يجد حكمًا كليًا مقررًا في الشرع، ولكنه يجد أن هذا الحكم قد يؤدي إلى ضرر أو ظلم، فيستحسن العدول عنه إلى حكم استثنائي يحقق المصلحة العامة أو العدالة.

مثال على الاستحسان بالمصلحة

مثال على الاستحسان بالمصلحة هو:

استحسان بيع الطعام قبل قبضه، وذلك بناءً على اعتبارات اقتصادية تقتضي تيسير التعامل التجاري.
فالأصل في بيع الطعام أنه لا يجوز إلا بعد القبض، وذلك لضمان حق البائع في استرداد ماله إذا لم يقبض الثمن.

ولكن استحسن بعض الفقهاء بيع الطعام قبل قبضه، وذلك بناءً على اعتبارات اقتصادية تقتضي تيسير التعامل التجاري، حيث يسمح ذلك للمشتري بشراء ما يحتاجه في الوقت المناسب، دون أن يضطر إلى انتظار القبض.

وهذا الاستحسان مبني على المصلحة العامة، حيث يحقق تيسير التعامل التجاري، ويمنع ضرر المشتري.

وهناك أمثلة أخرى للاستحسان بالمصلحة، منها:

  • استحسان عدم وجوب حد القذف على المرأة التي قُذفت، وذلك بناءً على اعتبارات إنسانية تقتضي مراعاة كرامة المرأة.
  • استحسان تضمين الأجير المشترك ما يهلك عنده من أمتعة الناس، وذلك بناءً على اعتبارات اجتماعية تقتضي حماية حقوق الناس.

وهكذا، فإن الاستحسان بالمصلحة هو أداة مهمة في الفقه الإسلامي، حيث يساهم في تحقيق المصلحة العامة أو العدالة، ومواكبة التطور الاجتماعي والتغيرات في العرف.

المقصود بدليل الاستحسان:

المقصود بدليل الاستحسان هو الدليل الذي يستند إليه المجتهد في استنباط حكم شرعي جديد، وذلك بناءً على ما يراه عقله أصلح أو أعدل.

ودليل الاستحسان هو أحد الأدلة الشرعية التي يعتمد عليها المجتهد في استنباط الأحكام الشرعية، ولكنه ليس من الأدلة القطعية، بل هو من الأدلة الظنية.

وهناك عدة أنواع لدليل الاستحسان، منها:

  • الاستحسان بالمصلحة: وهو العدول عن حكم كلي إلى حكم استثنائي لدليل انقدح في نفس المجتهد رجح لديه هذا العدول، وذلك بناءً على اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية مقبولة.
  • الاستحسان بالعرف: وهو العدول عن حكم كلي إلى حكم استثنائي لوجود عرف يخالفه.
  • الاستحسان بالنص: وهو العدول عن حكم كلي إلى حكم استثنائي بناءً على نص قرآني أو حديث نبوي.

ويجب أن تتوفر في دليل الاستحسان عدة شروط، منها:

  • أن يكون الدليل قائمًا على أساس عقلي سليم.
  • أن يكون الدليل متفقًا مع مقاصد الشريعة الإسلامية.
  • أن يكون الدليل لا يخالف نصًا أو إجماعًا.

وإذا تحققت هذه الشروط، فإن دليل الاستحسان يكون حجة في استنباط الأحكام الشرعية.

المقصود بالقياس:

القياس في اللغة العربية يعني التقدير، وهو في اصطلاح علماء أصول الفقه الإسلامي هو: إلحاق حكم الأصل للفرع لاشتراكهما في العلة.

ومعنى ذلك أن المجتهد يجد حكمًا مقررًا في الشرع لأمر ما، ويجد أمرًا آخر لم يرد فيه نص، فيقوم بقياس الحكم المقرر على الأمر الآخر، وذلك بناءً على وجود علة مشتركة بينهما.

والقياس هو أحد الأدلة الشرعية التي يعتمد عليها المجتهد في استنباط الأحكام الشرعية، وهو من الأدلة الظنية، أي أنه لا يفيد اليقين، بل يفيد الظن.

للقياس أربعة أركان، وهي:

  • الأصل: وهو الأمر الذي ورد فيه نص شرعي.
  • الفرع: وهو الأمر الذي لم يرد فيه نص.
  • العلة: وهي الصفة أو الصفة المشتركة بين الأصل والفرع، والتي هي سبب الحكم في الأصل.
  • الحكم: وهو الحكم الذي ورد في الأصل، ويريد المجتهد إلحاقه بالفرع

للقياس فوائد عديدة، منها:

  • سد الفراغ التشريعي: حيث يساهم القياس في سد الفراغ التشريعي، وذلك من خلال استنباط أحكام جديدة لم يرد بها نص أو إجماع.
  • تحقيق العدالة والمصلحة: حيث يساهم القياس في تحقيق العدالة والمصلحة، وذلك من خلال إلحاق حكم الأصل للفرع، وذلك بناءً على وجود علة مشتركة بينهما.
  • مراعاة التطور الاجتماعي والتغيرات في العرف: حيث يساهم القياس في مراعاة التطور الاجتماعي والتغيرات في العرف، وذلك من خلال استنباط أحكام جديدة تتناسب مع الواقع الاجتماعي أو العرفي.

في الختام، يُعتبر مفهوم الاستحسان في القانون أحد أهم المفاهيم التي تشكل أساس العدالة والمساواة في المجتمعات. يتطلب الاستحسان أن نتعامل مع القوانين والأنظمة القانونية بشكل يتجاوز النصوص القانونية إلى تقدير مدى توافقها مع مبادئ العدالة والاستحقاق. إن تعزيز الاستحسان يمكن أن يساعد في تحقيق المساواة وضمان حقوق الأفراد والمجتمعات.
لذا، يجب أن نعمل جميعًا كمجتمعات وأفراد على تعزيز مفهوم الاستحسان في القانون وضمان أن القوانين والسياسات تتوافق مع مبادئ العدالة والاستحقاق. من خلال تعزيز هذا المفهوم، نستطيع بناء مجتمعات أكثر عدالة وتساويًا، حيث يمكن للجميع الاستفادة من فرص متساوية وحقوق محمية.
لذا، فلنكن ملتزمين بتعزيز الاستحسان في القانون والعمل نحو تطوير القوانين والسياسات التي تعكس قيم العدالة والمساواة، ولنضمن بذلك بناء مستقبل أفضل للجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *