ميراث ذوي الأرحام

ميراث ذوي الأرحام في القانون و4 شروط لتوريث ذوي الأرحام

ميراث ذوي الأرحام في القانون و4 شروط لتوريث ذوي الأرحام , في عالم متجدد ومتغير، تنبثق قضايا جديدة تستحق الاهتمام والتفكير العميق. من بين هذه القضايا، تبرز قضية “ميراث ذوي الأرحام” كواحدة من المسائل المثيرة للجدل والتي تلقي بظلالها على القوانين والأخلاق والتقاليد في مجتمعاتنا اليوم.
يثير مفهوم ميراث ذوي الأرحام العديد من الأسئلة الأخلاقية والقانونية والاجتماعية، حيث يتعلق بنقل الجينات والهويات والعلاقات الأسرية بين الأفراد. وفي ظل التقدم التكنولوجي وتطور الطب الشرعي، أصبح من الممكن للأشخاص الذين لا يمكنهم الإنجاب بطرق طبيعية أو لديهم صعوبات في الحمل أو الولادة، أن يتمكنوا من استخدام تقنيات التلقيح الصناعي أو غيرها من الطرق البديلة لإنجاب الأطفال.
ومع ذلك، تطرح هذه القضية تحديات كبيرة في مجالات التشريعات والأخلاق وحقوق الأطفال والمرأة. فما هي الحقوق التي يحملها الأطفال الناتجون عن تقنيات التلقيح الصناعي؟ وما هي المسؤوليات القانونية والأخلاقية للمتبرعين بالبويضات أو الحيوانات المنوية؟ وما هي الحقوق التي يتمتع بها الآباء والأمهات البيولوجيون والاجتماعيون؟
إن فهم ومناقشة قضية ميراث ذوي الأرحام يتطلب تفكيراً عميقاً ونقاشاً مستفيضاً، وذلك لضمان تحقيق التوازن بين الحقوق الفردية والاهتمام بالمصلحة العامة، ولتقديم إطار قانوني وأخلاقي يحمي حقوق الجميع ويعزز المساواة والعدالة في المجتمعات المعاصرة.

من هم ذوي الأرحام:

ذوو الأرحام هم كل الأقارب الذين لا يرثون من جهة النسب، أي أنهم لا يرثون من الأب أو الأم أو الأجداد أو الأولاد.
ويُشترط في جميع ذوي الأرحام أن يكونوا من أهل الإرث، أي أن لا يكونوا محجوبين عن الميراث.

ويُحدد القانون الجزائري ترتيب توريث ذوي الأرحام على النحو التالي:

**فروع الميت.
**أصول الميت.
**فروع أبوي الميت.
**فروع أحد أجداد الميت أو جداته.

ويُؤخذ بعين الاعتبار عند توريث ذوي الأرحام قربهم من الميت، فالأقرب يُقدم على الأبعد.

ويُمكن للمُوصي أن يُوصي لبعض ذوي الأرحام بجزء من تركته، حتى لو لم يكونوا من ورثته الشرعيين.

ترتيب ذوي الأرحام في الميراث:

يُحدد القانون الجزائري ترتيب توريث ذوي الأرحام على النحو التالي:

1. فروع الميت:

هم أولاد الميت وأولاد أولاده.
ويُشترط فيهم أن يكونوا موجودين عند وفاة الميت.
ويُقدم الذكور على الإناث في الميراث.

2. أصول الميت:

هم آباء الميت وأجداده.
ويُشترط فيهم أن يكونوا موجودين عند وفاة الميت.
ويُقدم الأب على الأم في الميراث.
ويُقدم الجد على الجدة في الميراث.

3. فروع أبوي الميت:

هم إخوة الميت وأخواته وأولادهم.
ويُشترط فيهم أن يكونوا موجودين عند وفاة الميت.
ويُقدم الذكور على الإناث في الميراث.
ويُقدم الإخوة لأبوين على الإخوة لأب أو أم.

4. فروع أحد أجداد الميت أو جداته:

هم أبناء عمومة الميت وأبناء خاله وأولادهم.
ويُشترط فيهم أن يكونوا موجودين عند وفاة الميت.
ويُقدم الذكور على الإناث في الميراث.
ويُقدم الأقرب إلى الميت في الميراث.

ويُؤخذ بعين الاعتبار عند توريث ذوي الأرحام قربهم من الميت، فالأقرب يُقدم على الأبعد.

شروط توريث ذوي الأرحام:

يشترط لتوريث ذوي الأرحام في القانون الجزائري:

عدم وجود وارث بالفرض أو بالتعصيب:

  • الوارث بالفرض: هو من له نصيب محدد في الميراث، مثل الزوجة، والبنات، والأم، والأخوات.
  • الوارث بالتعصيب: هو من يرث ما تبقى من التركة بعد أصحاب الفروض، مثل الأب، والإخوة، والأعمام.

عدم وجود من يرد عليه المال من أصحاب الفروض:

الرد هو رجوع المال إلى صاحب الفرض إذا لم يُعطَ نصيبه الكامل.

مثال: إذا مات شخص عن زوجة وأم، فإن الزوجة ترث ربع التركة، والأم ترث الثلث.

ثبوت صلة القرابة بين الميت وذوي الأرحام:

يجب إثبات صلة القرابة بشهادة الشهود أو الوثائق الرسمية.

أن يكون ذوي الأرحام من أهل الإرث:

لا يرث من كان محجوبًا عن الميراث، مثل القاتل، والمرتد، والزاني.

ميراث ذوي الأرحام عند المالكية:

يُعدّ موضوع ميراث ذوي الأرحام من المواضيع المُعقدة في الفقه الإسلامي، ويختلف الفقهاء في تفاصيله.

وإليك موقف المالكية من ميراث ذوي الأرحام:

عدم توريث ذوي الأرحام مطلقاً:

يُذهب المالكية إلى عدم توريث ذوي الأرحام مطلقاً، سواء انتظم بيت المال أم لم ينتظم.
ويستدلون على ذلك بقول الله تعالى: “وَلِلْوَالِدَيْنِ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ” (سورة النساء، الآية 11).
ويقولون: إن الله تعالى ذكر في هذه الآية جميع الورثة، ولم يذكر ذوي الأرحام.

توريث ذوي الأرحام عند عدم انتظام بيت المال:

يُذهب بعض الفقهاء من المالكية إلى توريث ذوي الأرحام عند عدم انتظام بيت المال.
ويستدلون على ذلك بقول الله تعالى: “وَإِنْ تَعْصِبُوا فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ” (سورة الأنفال، الآية 49).
ويقولون: إن الله تعالى جعل بيت المال للفقراء والمساكين، فإذا لم يكن هناك فقراء أو مساكين، فإن المال يُرجع إلى ذوي الأرحام.

توريث ذوي الأرحام بوصية:

يُمكن للمُوصي أن يُوصي لبعض ذوي الأرحام بجزء من تركته، حتى لو لم يكونوا من ورثته الشرعيين.

حل مسائل ذوي الأرحام:

حل مسائل ذوي الأرحام من الأمور المُعقدة التي تتطلب معرفة جيدة بأحكام الفرائض وقواعدها.

وإليك بعض الخطوات التي يمكن اتباعها لحل مسائل ذوي الأرحام:

تحديد الورثة:

يجب أولاً تحديد جميع الورثة الشرعيين للميت، بما في ذلك أصحاب الفروض والعصبة.
يُمكن استخدام شجرة العائلة لتحديد الورثة.

تحديد شروط توريث ذوي الأرحام:

يجب التأكد من توفر شروط توريث ذوي الأرحام، وهي:

تحديد نصيب كل وارث:

بعد تحديد الورثة، يجب تحديد نصيب كل وارث وفقاً لأحكام الفرائض.
يُمكن استخدام جداول الفرائض لتحديد نصيب كل وارث.

حل المسألة:

بعد تحديد نصيب كل وارث، يتم حل المسألة حسب المعطيات المتوفرة.
وإليك بعض الأمثلة على حل مسائل ذوي الأرحام:

مثال 1:

مات شخص عن زوجة وأم وأخ لأب.

الحل:

الزوجة ترث ربع التركة.
الأم ترث الثلث.
الأخ لأب يرث ما تبقى من التركة، وهو النصف.

مثال 2:

مات شخص عن بنت وأم وأخ لأب.

الحل:

البنت ترث نصف التركة.
الأم ترث السدس.
الأخ لأب لا يرث شيئاً، لأنه محجوب بالبنت.

ميراث ذوي الأرحام في القانون المصري:

ينظم القانون المصري ميراث ذوي الأرحام في المادة 31 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 والمعدل.

وتنص هذه المادة على:

“إذا لم يوجد أحد من العصبة بالنسب ولا أحد من ذوي الفروض النسبية، كانت التركة أو الباقي منها لذوي الأرحام”.

ويُقسّم القانون المصري ذوي الأرحام إلى أربعة أصناف، مقدم بعضها على بعض في الإرث على الترتيب الآتي:

1. أولاد البنات وإن نزلوا، وأولاد بنات الابن وإن نزلوا:

  • ويُقدم الذكور على الإناث في الميراث.
  • ويُقدم الأقرب إلى الميت في الميراث.

2. الجد غير الصحيح وإن علا، والجدة غير الصحيحة وإن علت:

  • ويُقدم الجد على الجدة في الميراث.
  • ويُقدم الأقرب إلى الميت في الميراث.

3. الأخوة لأب وأخواتهم لأب:

  • ويُقدم الذكور على الإناث في الميراث.
  • ويُقدم الأقرب إلى الميت في الميراث.

4. أبناء العمومة وأبناء الخال وأولادهم:

  • ويُقدم الذكور على الإناث في الميراث.
  • ويُقدم الأقرب إلى الميت في الميراث.

هل العمة من ذوي الأرحام؟

تُعتبر العمة من ذوي الأرحام في الإسلام والقانون المصري.
ويُشترط في ذوي الأرحام أن يكونوا من أهل الإرث، أي أن لا يكونوا محجوبين عن الميراث.

وتُقدم العمة على العم من الأم في الميراث.

وتُقدم أبناء العمومة على أبناء الخال في الميراث.

ويُمكن للمُوصي أن يُوصي لعمته بجزء من تركته، حتى لو لم تكن من ورثته الشرعيين.

ميراث العصبة مع البنات:

يُعرّف العصبة في علم الفرائض بأنهم الذين يرثون بالتعصيب، أي يرثون ما تبقى من التركة بعد أصحاب الفروض.

ويُمكن أن يكون العصبة من الذكور أو الإناث.

وإذا توفي شخص وترك بنات فقط، فإن البنات يرثن الثلثين من التركة.

وإذا توفي شخص وترك بنات وأخ لأب، فإن البنات يرثن الثلثين، والأخ لأب يرث ما تبقى من التركة، وهو السدس.

وإذا توفي شخص وترك بنات وأخت شقيقة، فإن البنات يرثن الثلثين، والأخت الشقيقة ترث ما تبقى من التركة، وهو السدس.

وإذا توفي شخص وترك بنات وأخت لأب وأخت شقيقة، فإن البنات يرثن الثلثين، والأخت الشقيقة ترث السدس، ولا ترث الأخت لأب شيئاً، لأنها محجوبة بالأخت الشقيقة.

أقوال العلماء في توريث ذوي الأرحام:

– الإمام مالك: لا يرث ذوو الأرحام مطلقاً، سواء انتظم بيت المال أم لم ينتظم.

– الإمام الشافعي: لا يرث ذوو الأرحام مطلقاً، سواء انتظم بيت المال أم لم ينتظم.

– الإمام أحمد بن حنبل: لا يرث ذوو الأرحام مطلقاً، سواء انتظم بيت المال أم لم ينتظم.

– الإمام أبو حنيفة: يرث ذوو الأرحام عند عدم انتظام بيت المال.

– الإمام زيد بن ثابت: لا يرث ذوو الأرحام مطلقاً، بل يوضع في بيت المال.

– الإمام ابن قدامة: يرث ذوو الأرحام عند عدم وجود وارث بالفرض أو بالتعصيب.

– الإمام ابن رشد: يرث ذوو الأرحام عند عدم وجود وارث بالفرض أو بالتعصيب، ويرثون على حسب قربهم من الميت.

في ختام هذا المقال، ندرك أهمية قضية ميراث ذوي الأرحام وتأثيرها العميق على الفرد والمجتمع على حد سواء. فمع تطور التكنولوجيا والطب، أصبحت هذه القضية تتفاعل مع عدة جوانب من الحياة اليومية، من الأخلاق والدين إلى القانون وحقوق الإنسان.
من المهم أن ندرك أن التحديات التي تطرحها قضية ميراث ذوي الأرحام تتطلب منا التفكير العميق والمسؤول، وضرورة إيجاد توازن بين تقدم التكنولوجيا والاحترام للقيم الأخلاقية وحقوق الإنسان. يجب أن تكون السياسات والتشريعات القائمة على مبدأ المساواة، مع مراعاة حماية حقوق الأطفال وضمان أن يتمتعوا بالرعاية والحماية الكاملة.
إن التفاهم والحوار المستمر بين الفرقاء المعنيين يمكن أن يسهم في إيجاد حلول متوازنة ومستدامة لهذه القضية المعقدة. ومن خلال التعاون والتضامن، يمكننا بناء مجتمعات أكثر تقدمًا وإنسانية، حيث يتمتع الجميع بالحقوق والكرامة التي يستحقونها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *