التعاقد بين غائبين

بحث حول التعاقد بين غائبين تعريفه شروطه

بحث حول التعاقد بين غائبين تعريفه شروطه  , في عالم الأعمال والقانون، يشكل التعاقد بين غائبين جزءًا مهمًا من الأنشطة التجارية والمعاملات القانونية. يمكن تعريف التعاقد بين غائبين بأنه عقد يتم بين أطراف تتفاعل من خلال وسائل الاتصال الإلكتروني أو الهاتف أو البريد الإلكتروني دون الحضور الشخصي للأطراف المتعاقدين. يعكس هذا النوع من التعاقد التحولات السريعة في عالم الأعمال الحديث، حيث أصبح التفاعل عبر الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من العلاقات التجارية والقانونية.
تعتمد مقالتنا هنا على استكشاف مفهوم التعاقد بين غائبين والتحديات والفوائد المرتبطة به. سنلقي الضوء على القوانين واللوائح المتعلقة بالتعاقد عن بعد وكيفية تنظيم هذه العقود. كما سنتناول أيضًا دور التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة في تيسير هذه العمليات وزيادة كفاءتها. سنناقش أيضًا التحديات القانونية والأخلاقية المحتملة التي يمكن أن تنشأ عندما يتم التعاقد بين الأطراف دون وجودهم بشكل شخصي.
من خلال هذا المقال، سنقدم نظرة شاملة على مفهوم التعاقد بين غائبين وكيفية تطبيقه في العالم الحديث، مع التركيز على أهميته في تيسير الأعمال التجارية وتعزيز التفاعلات القانونية في زمن الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة.

التعاقد بين غائبين في القانون المدني الجزائري:

يُعرف التعاقد بين الغائبين بأنه العقد الذي يتم بين طرفين أو أكثر، يكون أحدهما أو كلاهما غائبًا عن مكان إبرام العقد.

ويكون الغائب هو الشخص الذي لا يوجد في مكان إبرام العقد، سواء كان ذلك بسبب السفر أو الإقامة في مكان آخر، أو بسبب وجوده في مكان إبرام العقد ولكنه غير حاضر فيه فعليًا.

وينظم القانون المدني الجزائري التعاقد بين الغائبين في المادة 67، والتي تنص على أنه:

“يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين يعلمون فيهما الموجب بالقبول، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك. ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفي الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول.”

وبناءً على هذه المادة، فإن التعاقد بين الغائبين يتم بمجرد تطابق إرادتي الطرفين، سواء كان التطابق فوريًا أو متأخرًا.

ويكون التعاقد بين الغائبين في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول. ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفي الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول.

وفيما يلي بعض الأمثلة على التعاقد بين الغائبين:

  • إذا أرسل شخص من الجزائر رسالة إلى شخص آخر في فرنسا يعرض عليه شراء عقار، ووافق الشخص الآخر على الشراء، فإن العقد يعتبر قد تم في الجزائر في الوقت الذي علم فيه الشخص الأول بالموافقة.
  • إذا أرسل شخص من مصر خطابًا إلى شخص آخر في السعودية يطلب منه شراء سيارة، ووافق الشخص الآخر على البيع، فإن العقد يعتبر قد تم في السعودية في الوقت الذي وصل فيه الخطاب إلى الشخص الثاني.

شروط التعاقد بين الغائبين:

يشترط توافر الشروط التالية للتعاقد بين الغائبين في القانون المدني الجزائري:

  • أهلية التعاقد

يجب أن يكون الطرفان في التعاقد بين الغائبين أهلين للتعاقد، أي أن يكونا بالغين عاقلين غير محجورين.

ومعنى ذلك أن يكون كل طرف من الطرفين قد بلغ سن الرشد، وأن يكون سليم العقل غير مجنون أو معتوه، وأن لا يكون محجورًا عليه بسبب الحجر القضائي أو الحجر الإداري.

  • الرضا

يجب أن يكون رضا الطرفين في التعاقد بين الغائبين صحيحًا، أي أن يكون صادرًا عن إرادة حرة غير معيبة.

ومعنى ذلك أن يكون كل طرف من الطرفين قد أقدم على التعاقد بإرادته الحرة، دون أن يكون مكرهًا أو مضطرًا، أو أن يكون قد وقع في الغش أو التدليس أو الإكراه أو الاستغلال.

  • موضوع العقد

يجب أن يكون موضوع العقد بين الغائبين مشروعًا وقابلًا للتنفيذ.

ومعنى ذلك أن يكون موضوع العقد غير مخالف للنظام العام أو الآداب العامة، وأن يكون ممكنًا التنفيذ.

  • سبب العقد

يجب أن يكون سبب العقد بين الغائبين مشروعًا.

ومعنى ذلك أن يكون سبب العقد موجودًا وحقيقيًا، وأن يكون مشروعًا وغير مخالف للنظام العام أو الآداب العامة.

وإذا لم تتوافر أحد هذه الشروط، فإن العقد يكون باطلاً.

الإيجاب والقبول في القانون المدني:

الإيجاب والقبول هما الركنان الأساسيان لانعقاد العقد في القانون المدني. ويُعرف الإيجاب بأنه عرض شخص على آخر إبرام عقد معين بشروط معينة، ويُعرف القبول بأنه إجابة شخص على عرض آخر بقبول هذا العرض بالشروط نفسها.

ولكي يتحقق التراضي بين المتعاقدين، لا بد من توافر الإيجاب والقبول، ويجب أن يكونا مطابقين لبعضهما البعض في كل ما يتعلق بموضوع العقد وشروطه.

شروط الإيجاب

يشترط في الإيجاب أن يكون:

  1. صحيحًا: أي أن يكون صادرًا عن إرادة حرة غير معيبة.
  2. محددًا: أي أن يتضمن جميع البيانات اللازمة لتكوين العقد، مثل تحديد موضوع العقد وشروطه.
  3. معللًا: أي أن يتضمن بيانًا لسبب إبرام العقد.

شروط القبول

يشترط في القبول أن يكون:

  1. صحيحًا: أي أن يكون صادرًا عن إرادة حرة غير معيبة.
  2. صريحًا أو ضمنيًا: ويقصد بالقبول الصريح الإجابة المباشرة على الإيجاب، أما القبول الضمني فهو ينتج من تصرفات المتعاقد أو من أفعاله التي توحي بقبوله للإيجاب.
  3. في الوقت المناسب: أي أن يكون القبول في الوقت الذي يحق فيه للمتعاقد الآخر أن يقبل الإيجاب.

ارتباط الإيجاب بالقبول

يرتبط الإيجاب بالقبول بمجرد وصول القبول إلى علم الموجب، ويتحقق ذلك بإحدى الطرق التالية:

** إذا كان الإيجاب والقبول شفويين، فإن القبول يرتبط بالإيجاب بمجرد سماع الموجب للقبول.
** إذا كان الإيجاب والقبول كتابيين، فإن القبول يرتبط بالإيجاب بمجرد وصول الخطاب أو الرسالة إلى الموجب.
** إذا كان الإيجاب والقبول يتمان بوسائل الاتصال الحديثة، فإن القبول يرتبط بالإيجاب بمجرد وصول الرسالة إلى الموجب.

الآثار المترتبة على ارتباط الإيجاب بالقبول

يؤدي ارتباط الإيجاب بالقبول إلى انعقاد العقد، وينتج عن ذلك الالتزام بتنفيذ العقد من قبل المتعاقدين.

وإذا كان العقد محددًا في جميع شروطه، فإن العقد يكون نافذًا بمجرد انعقاد العقد. أما إذا كان العقد غير محدد في بعض شروطه، فإن العقد يكون نافذًا في ما اتفقت عليه الأطراف، ويتعين على الأطراف الاتفاق على باقي الشروط في موعد لاحق.

وإذا لم يتفق الأطراف على باقي الشروط في الموعد المحدد، فإن العقد يكون قابلًا للإبطال.

مثال على الإيجاب والقبول

إذا عرض شخص على آخر شراء منزله مقابل مبلغ مالي معين، فإن هذا العرض يعد إيجابًا.

إذا وافق الشخص الآخر على شراء المنزل بالشروط التي عرضها الموجب، فإن هذا القبول يرتبط بالإيجاب، ويؤدي إلى انعقاد عقد بيع المنزل.

أنواع النيابة في التعاقد:

تنقسم النيابة في التعاقد إلى نوعين رئيسيين:

1. النيابة الاتفاقية: وهي التي يتم إنشاؤها بموجب اتفاق بين الأصيل والنائب، وتكون محددة في حدود الوكالة.

2. النيابة القانونية: وهي التي تنشأ بموجب القانون، دون حاجة إلى اتفاق بين الأصيل والنائب، وتكون محددة في حدود القانون.

النيابة الاتفاقية هي التي يتم إنشاؤها بموجب اتفاق بين الأصيل والنائب، ويكون هذا الاتفاق في شكل عقد وكالة، يحدد فيه الأصيل سلطات النائب، وشروط التعاقد التي يجوز للنائب أن يتعاقد بها.

وفيما يلي بعض أنواع النيابة الاتفاقية:

الوكالة العامة: وهي التي تخول النائب القيام بجميع الأعمال التي تقع في نطاق العلاقات القانونية للأصيل.
الوكالة الخاصة: وهي التي تخول النائب القيام بعمل أو أعمال معينة، محددة في حدود الوكالة.
الوكالة المطلقة: وهي التي تخول النائب القيام بجميع الأعمال التي تقع في نطاق العلاقات القانونية للأصيل، دون قيد أو شرط.
الوكالة المقيدة: وهي التي تخول النائب القيام بأعمال معينة، محددة في حدود الوكالة، ويكون النائب مقيدًا بشروط الوكالة.

النيابة القانونية

النيابة القانونية هي التي تنشأ بموجب القانون، دون حاجة إلى اتفاق بين الأصيل والنائب، وتكون محددة في حدود القانون.

وفيما يلي بعض أنواع النيابة القانونية:

نيابة الولي: وهي النيابة التي يمارسها الولي على أموال القاصر أو المحجور عليه.
نيابة الوصي: وهي النيابة التي يمارسها الوصي على أموال اليتيم.
نيابة المصفّي: وهي النيابة التي يمارسها المصفّي على أموال الشركة أو المؤسسة التي يتم تصفيتها.
نيابة الحارس القضائي: وهي النيابة التي يمارسها الحارس القضائي على أموال المحجوز عليه.

الآثار المترتبة على النيابة في التعاقد

ترتب النيابة في التعاقد مجموعة من الآثار، أهمها:

اعتبار النائب نائبًا للأصيل: أي أن النائب يتصرف باسم الأصيل ونيابة عنه، ويكون الأصيل هو المسؤول عن تصرفات النائب.
ارتباط تصرفات النائب بالأصيل: أي أن تصرفات النائب ترتب آثارها على الأصيل، سواء كانت هذه التصرفات صحيحة أو باطلة.
إمكانية عزل النائب: أي أن الأصيل يحق له عزل النائب في أي وقت، ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بخلاف ذلك.

الفرق بين النيابة الاتفاقية والنيابة القانونية

يمكن التمييز بين النيابة الاتفاقية والنيابة القانونية من حيث:

طريقة الإنشاء: يتم إنشاء النيابة الاتفاقية بموجب اتفاق بين الأصيل والنائب، بينما تنشأ النيابة القانونية بموجب القانون.
حدود الوكالة: تكون حدود الوكالة في النيابة الاتفاقية محددة في حدود العقد، بينما تكون حدود الوكالة في النيابة القانونية محددة في حدود القانون.
المسؤولية: يكون النائب في النيابة الاتفاقية مسؤولًا أمام الأصيل عن تصرفاته، بينما يكون النائب في النيابة القانونية مسؤولًا أمام الأصيل والغير عن تصرفاته.

التعاقد بين حاضرين:

التعاقد بين حاضرين هو عقد يتم إبرامه بين طرفين أو أكثر، يكونان حاضرين في مكان واحد في وقت واحد.

ويكون التعاقد بين حاضرين بمجرد تطابق إرادتي الطرفين، سواء كان التطابق فوريًا أو متأخرًا.

شروط التعاقد بين حاضرين

يشترط لانعقاد العقد بين حاضرين توافر الشروط التالية:

  1. أهلية التعاقد: يجب أن يكون الطرفان في التعاقد بين حاضرين أهلين للتعاقد، أي أن يكونا بالغين عاقلين غير محجورين.
  2. الرضا: يجب أن يكون رضا الطرفين في التعاقد بين حاضرين صحيحًا، أي أن يكون صادرًا عن إرادة حرة غير معيبة.
  3. موضوع العقد: يجب أن يكون موضوع العقد بين حاضرين مشروعًا وقابلًا للتنفيذ.
  4. سبب العقد: يجب أن يكون سبب العقد بين حاضرين مشروعًا.

صور التعاقد بين حاضرين

تتعدد صور التعاقد بين حاضرين، ومن أهمها:

  • التعاقد الشفهي: وهو التعاقد الذي يتم بإبرام الإيجاب والقبول شفهيًا.
  • التعاقد الكتابي: وهو التعاقد الذي يتم بإبرام الإيجاب والقبول كتابيًا.
  • التعاقد العرفي: وهو التعاقد الذي يتم بإبرام الإيجاب والقبول بموجب سلوك أو فعل أو تصرف يوحي بقبول العرض.

الآثار المترتبة على التعاقد بين حاضرين

يؤدي التعاقد بين حاضرين إلى انعقاد العقد، وينتج عن ذلك الالتزام بتنفيذ العقد من قبل المتعاقدين.

وإذا كان العقد محددًا في جميع شروطه، فإن العقد يكون نافذًا بمجرد انعقاد العقد. أما إذا كان العقد غير محدد في بعض شروطه، فإن العقد يكون نافذًا في ما اتفقت عليه الأطراف، ويتعين على الأطراف الاتفاق على باقي الشروط في موعد لاحق.

وإذا لم يتفق الأطراف على باقي الشروط في الموعد المحدد، فإن العقد يكون قابلًا للإبطال.

متى ينعقد العقد بين الغائبين؟

ينعقد العقد بين الغائبين بمجرد تطابق إرادتي الطرفين، سواء كان التطابق فوريًا أو متأخرًا.

ويكون التعاقد بين الغائبين في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول. ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفي الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول.

وهناك ثلاث نظريات لتحديد وقت انعقاد العقد بين الغائبين، وهي:

1. نظرية العلم: وتفترض أن العقد ينعقد في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول.

2. نظرية الوصول: وتفترض أن العقد ينعقد في المكان وفي الزمان اللذين يصل فيهما القبول إلى الموجب.

3. نظرية التطابق: وتفترض أن العقد ينعقد في المكان وفي الزمان اللذين يتطابق فيهما تطابق إرادتي الطرفين.

وطبقًا لقانون المدني الجزائري، فإن العقد بين الغائبين يعتبر قد تم في المكان وفي الزمان اللذين يعلمون فيهما الموجب بالقبول، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك. ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفي الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول.

التعبير الضمني في القانون:

التعبير الضمني هو التعبير عن الإرادة بطريقة غير مباشرة، أي بوسيلة لا تتفق مع المألوف بين الناس.

ويكون التعبير الضمني حجة على المعبر عنه إذا كان لا يدع مجالًا للشك في دلالته على حقيقة المقصود منه.

شروط التعبير الضمني

يشترط لاعتبار التعبير تعبيرًا ضمنيًا توافر الشروط التالية:

**أن يكون التعبير صادرًا عن إرادة حرة غير معيبة.
**أن يكون التعبير لا يدع مجالًا للشك في دلالته على حقيقة المقصود منه.
**أن يكون التعبير متوافقًا مع طبيعة العلاقة بين المتعاقدين.

صور التعبير الضمني

تتعدد صور التعبير الضمني، ومن أهمها:

1. التعبير بالسكوت: وهو التعبير عن الإرادة بسكوت المعبر عنه عن قبول عرض أو طلب.
2. التعبير بالإشارة: وهو التعبير عن الإرادة بإشارة أو فعل يوحي بقبول عرض أو طلب.
3. التعبير باتخاذ موقف: وهو التعبير عن الإرادة باتخاذ موقف يوحي بقبول عرض أو طلب.

الآثار المترتبة على التعبير الضمني

يؤدي التعبير الضمني إلى انعقاد العقد أو إبرام الالتزام، إذا كان لا يدع مجالًا للشك في دلالته على حقيقة المقصود منه.

وفيما يلي بعض الأمثلة على التعبير الضمني:

إذا عرض شخص على آخر شراء عقار، ووافق الآخر على الشراء بتسليمه مبلغًا من المال، فإن هذا التسليم يعد تعبيرًا ضمنيًا عن قبول العرض.
إذا أرسل شخص إلى آخر خطابًا يطلب منه شراء سيارة، ووافق الآخر على الشراء بتوقيعه على الخطاب، فإن هذا التوقيع يعد تعبيرًا ضمنيًا عن قبول العرض.
إذا دخل شخص إلى محل تجاري وبدأ في شراء بضائع، فإن هذا الفعل يعد تعبيرًا ضمنيًا عن قبوله بشروط البيع.

ركن الرضا في العقد:

الرضا هو الركن الأساسي في العقد، وهو تعبير عن إرادتي المتعاقدين على إبرام العقد وتحقيق آثاره القانونية.

شروط الرضا

يشترط لصحة الرضا توافر الشروط التالية:

  1. أن يكون الرضا صادرًا عن إرادة حرة غير معيبة: أي أن يكون المتعاقد قد أقدم على التعاقد بإرادته الحرة، دون أن يكون مكرهًا أو مضطرًا، أو أن يكون قد وقع في الغش أو التدليس أو الإكراه أو الاستغلال.
  2. أن يكون الرضا مطابقًا للموضوع والشروط المتفق عليها: أي أن يكون المتعاقد قد أقدم على التعاقد على أساس موضوع وشروط معينة، ويجب أن يكون الرضا مطابقًا لهذه الموضوع والشروط.

صور الرضا

يمكن أن يكون الرضا صريحًا أو ضمنيًا، ويشترط في الرضا الصريح أن يكون تعبيرًا واضحًا عن إرادة المتعاقد، أما الرضا الضمني فهو تعبير عن الإرادة بطريقة غير مباشرة.

الآثار المترتبة على عدم توافر الرضا

إذا لم تتوافر أحد شروط الرضا، فإن العقد يكون باطلاً، ولا يرتب أي آثار قانونية.

مثال على الرضا في العقد

إذا عرض شخص على آخر شراء عقار، ووافق الآخر على الشراء، فإن هذا القبول يعد تعبيرًا عن رضا المتعاقد الثاني على إبرام العقد.

وإذا لم يكن القبول مطابقًا للعرض، فإن العقد لا يكون صحيحًا، لأن رضا المتعاقد الثاني يكون معيبًا.

مثال على الرضا الضمني

إذا دخل شخص إلى محل تجاري وبدأ في شراء بضائع، فإن هذا الفعل يعد تعبيرًا ضمنيًا عن قبوله بشروط البيع.

المادة 64 من القانون المدني الجزائري:

ينعقد العقد بمجرد تطابق إرادتي المتعاقدين، سواء كان التطابق فوريًا أو متأخرًا.

الشرح:

تنص المادة 64 من القانون المدني الجزائري على أن العقد ينعقد بمجرد تطابق إرادتي المتعاقدين، سواء كان التطابق فوريًا أو متأخرًا.

ومعنى ذلك أن العقد ينعقد بمجرد توافق إرادة كل من الموجب والقابل على موضوع العقد وشروطه، سواء كان هذا الاتفاق فوريًا، أي في نفس الوقت الذي يصدر فيه الإيجاب والقبول، أو كان متأخرًا، أي بعد صدور الإيجاب والقبول.

ومثال على العقد الفوري هو العقد الذي يتم بين حاضرين، حيث يصدر الإيجاب والقبول في نفس الوقت، وينتج عن ذلك انعقاد العقد فورًا.

ومثال على العقد المتأخر هو العقد الذي يتم بين غائبين، حيث يصدر الإيجاب من شخص وينتقل إلى شخص آخر، ثم يصدر القبول من هذا الشخص الثاني، وينتج عن ذلك انعقاد العقد في الوقت الذي يعلم فيه الموجب بالقبول.

وإذا لم يتحقق التطابق بين إرادتي المتعاقدين، فإن العقد لا ينعقد.

ومثال على عدم التطابق هو العقد الذي يصدر فيه القبول بشروط تختلف عن شروط الإيجاب، حيث لا ينتج عن ذلك انعقاد العقد.

نظرية تصدير القبول:

نظرية تصدير القبول هي إحدى النظريات التي تحدد زمان انعقاد العقد بين غائبين.

وتفترض هذه النظرية أن العقد ينعقد في المكان وفي الزمان اللذين يصدر فيهما القبول، أي أن العقد ينعقد بمجرد صدور القبول من المتعاقد الثاني، ولو لم يعلم به الموجب.

أساس نظرية تصدير القبول

يستند أساس نظرية تصدير القبول إلى أن القبول هو التعبير عن إرادة المتعاقد الثاني، وأن هذه الإرادة تنعقد بمجرد صدورها، ولو لم يعلم بها الموجب.

مزايا نظرية تصدير القبول

تتميز نظرية تصدير القبول بمجموعة من المزايا، منها:

  • أنها تتفق مع المفهوم التقليدي للعقد، حيث يعتبر أن العقد ينعقد بمجرد تطابق إرادتي المتعاقدين.
  • أنها تحمي المتعاقد الثاني، حيث تجعل العقد ينعقد في صالحه، حتى لو لم يعلم به الموجب.

عيوب نظرية تصدير القبول

تعاني نظرية تصدير القبول من مجموعة من العيوب، منها:

  • أنها قد تؤدي إلى عدم استقرار المعاملات، حيث قد يعقد العقد دون علم الموجب، مما قد يعرضه لالتزامات غير متوقعة.
  • أنها لا تتفق مع الواقع العملي، حيث غالبًا ما ينتظر الموجب علمه بالقبول قبل أن ينعقد العقد.

موقف القانون المدني الجزائري من نظرية تصدير القبول

لم يأخذ القانون المدني الجزائري بنظرية تصدير القبول، وإنما أخذ بنظرية العلم بالقبول، حيث نصت المادة 101 منه على أن:

ينعقد العقد بين غائبين في المكان وفي الزمان اللذين يعلمون فيهما الموجب بالقبول. ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفي الزمان اللذين وصل إليه فيهما القبول.

ومعنى ذلك أن العقد بين غائبين ينعقد في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول، أي أن العقد ينعقد بمجرد علم الموجب بالقبول، ولو لم يصل إليه القبول بعد.

ويترتب على ذلك أن العقد بين غائبين لا ينعقد إلا إذا علم الموجب بالقبول، ولو لم يصل إليه القبول بعد. وبذلك يحمي القانون المدني الجزائري الموجب من الالتزام بعقد لم يعلم به.

في ختام هذه المقالة، ندرك أهمية التعاقد بين غائبين كوسيلة حديثة وفعالة للتفاعلات التجارية والقانونية في عالم متغير بسرعة. هذا النوع من التعاقد أصبح جزءًا حيويًا من العمليات التجارية والمعاملات اليومية، مما يساهم في تسهيل الأعمال وتوفير الوقت والجهد.
مع تطور التكنولوجيا وزيادة الاتصالات عبر الإنترنت، يمكننا توقع استمرار نمو هذا النوع من التعاقد في المستقبل. ومع ذلك، يجب أيضًا أن نكون حذرين ونأخذ في الاعتبار التحديات القانونية والأخلاقية المرتبطة بهذا النوع من التفاعلات.
لذلك، يجب على الأفراد والشركات البحث عن مستشارين قانونيين مؤهلين ومتخصصين في مجال التعاقد بين غائبين لضمان أن جميع الجوانب القانونية والأخلاقية تمتثل. بفهمنا لهذا المفهوم والاستفادة الأمثل منه، يمكننا تحقيق مزيد من الفعالية في أعمالنا وتعزيز الثقة والمصداقية في السوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *