الظروف المخففة للعقوبة

الظروف المخففة للعقوبة في القانون

الظروف المخففة للعقوبة في القانون , في نظام العدالة القانونية، يعتبر مفهوم “الظروف المخففة للعقوبة” أحد الجوانب الرئيسية التي تؤثر على تنفيذ العقوبات القانونية والمساهمة في تحقيق التوازن بين العدالة والمرونة. إن القانون يعترف بأن هناك حالات وظروف تشجع على تقليل شدة العقوبة المفروضة على الفاعل، سواء كانت تلك الظروف مرتبطة بالجريمة ذاتها أو بالمتهم نفسه.
تتنوع هذه الظروف المخففة للعقوبة وفقًا للنظام القانوني لكل دولة، وتشمل عوامل مثل النية، والعمر، والحالة الصحية، والظروف الاجتماعية، والتعاون مع السلطات القانونية. يتم دراسة كل حالة على حدة لتقرير ما إذا كانت تلك الظروف تبرر تقليل العقوبة أو تغيير نوعها.
سيتناول هذا المقال مفهوم الظروف المخففة للعقوبة في القانون بشكل عام، وسيقدم نظرة عامة على كيفية تطبيقها وأهميتها في نظام العدالة. سنستعرض أمثلة عملية للتوضيح، وسنناقش التحديات والاعتبارات التي تحيط بهذا المفهوم.

ظروف التخفيف في الجنح:

تُعرف الجنحة بأنها جريمة أقل خطورة من الجريمة، وعادة ما تكون العقوبة عليها أقل شدة. وتنص معظم التشريعات الجنائية على ظروف يمكن أن تؤدي إلى تخفيف العقوبة في الجنح، وهذه الظروف هي:

  • صغر سن الجاني: إذا كان الجاني صغيرًا في السن، فقد يتم تخفيض العقوبة عليه، وذلك مراعاة لظروفه وإمكانياته العقلية والنفسية.
  • حسن سيرة الجاني: إذا كان الجاني حسن السيرة والسلوك، فقد يتم تخفيض العقوبة عليه، وذلك تقديرًا لسلوكه السابق.
  • عدم سبق الإدانة: إذا كان الجاني لم يسبق إدراجه في سجلات المحاكم، فقد يتم تخفيض العقوبة عليه، وذلك نظرًا لعدم وجود سوابق جنائية له.
  • إعطاء الجاني فرصة للصلح مع المجني عليه: إذا قام الجاني بإعطاء المجني عليه فرصة للصلح، فقد يتم تخفيض العقوبة عليه، وذلك تقديرًا لسلوكه الإيجابي.
  • ظروف الجريمة: إذا كانت ظروف الجريمة تدعو إلى التخفيف، فقد يتم تخفيض العقوبة عليه، وذلك مراعاة لظروف الجريمة ومدى تأثيرها على المجتمع.

ويجوز للقاضي أن يأخذ بهذه الظروف عند الحكم على الجاني، ويكون له السلطة التقديرية في ذلك.

وعلى سبيل المثال، إذا ارتكب شخص جريمة سرقة، وكان صغيرًا في السن، ولم يكن له سوابق جنائية، وقام بإعطاء صاحب المحل فرصة للصلح، فقد يتم الحكم عليه بالحبس لمدة أقل من الحد الأدنى المقرر للعقوبة المقررة لهذه الجريمة.

ولكن يجب ملاحظة أن ظروف التخفيف لا تؤدي إلى إلغاء العقوبة تمامًا، وإنما يتم تخفيضها فقط.

تخفيف العقوبة الجزائية:

تُعرف العقوبة الجزائية بأنها الجزاء الذي يوقعه القانون على مرتكب الجريمة، وذلك بهدف ردعه عن ارتكاب الجريمة مرة أخرى، وحماية المجتمع منه.

وتخضع العقوبة الجزائية لقواعد معينة، من أهمها:

**الشرعية: يجب أن تكون العقوبة مقررة بنص القانون.
**التناسب: يجب أن تكون العقوبة تناسبًا مع جسامة الجريمة.
**الإنسانية: يجب أن تراعي العقوبة كرامة الإنسان.

وقد نصت معظم التشريعات الجزائية على إمكانية تخفيف العقوبة الجزائية في بعض الحالات، وذلك مراعاة لظروف معينة، تُعرف بظروف التخفيف.

أما عن طرق تخفيف العقوبة الجزائية، فتختلف باختلاف التشريعات الجزائية. وتتمثل أهم هذه الطرق في:

**الإعفاء من العقوبة: ويعني ذلك عدم توقيع أي عقوبة على الجاني، وذلك إذا تحققت ظروف التخفيف.
**التخفيض من العقوبة: ويعني ذلك تخفيض مدة العقوبة أو مقدارها، وذلك إذا تحققت ظروف التخفيف.
**الإبدال: ويعني ذلك استبدال العقوبة الأصلية بعقوبة أخرى أخف منها، وذلك إذا تحققت ظروف التخفيف.

وتخضع هذه الطرق لقواعد معينة، تتمثل أهمها في:

**سلطة القاضي في التخفيف: يكون للقاضي السلطة التقديرية في التخفيف من العقوبة، وذلك مراعاة لظروف التخفيف.
**عدم جواز الزيادة في العقوبة: لا يجوز للقاضي أن يزيد من العقوبة المقررة قانونًا، وذلك حتى لو لم تكن الظروف تدعو إلى التخفيف.
**عدم جواز التخفيف عن الحد الأدنى للعقوبة: لا يجوز للقاضي أن يخفض العقوبة إلى ما دون الحد الأدنى المقرر قانونًا، وذلك حتى لو كانت الظروف تدعو إلى التخفيف.

ظروف التخفيف في جرائم المخدرات:

يجوز للقاضى أن يحكم بعقوبة أخف من الحد الأدنى المقرر قانوناً في جرائم المخدرات، إذا رأى أن ظروف الجريمة أو شخصية المتهم تقتضي ذلك.

من بين الظروف التي يجوز للقاضى أن يأخذها في الاعتبار عند الحكم بعقوبة أخف في جرائم المخدرات:

نوع المادة المخدرة المضبوطة، فالمواد المخدرة ذات التأثير القوي على الصحة كالهيروين والكوكايين تستحق عقوبة أشد من المواد المخدرة ذات التأثير الضعيف كالحشيش.
كمية المادة المخدرة المضبوطة، فكلما زادت الكمية المضبوطة كلما كانت العقوبة أشد.
طريقة حيازة أو تجارة أو إتجار المتهم بالمخدرات، فالحيازة أو التجارة أو الإتجار بقصد الاتجار تستحق عقوبة أشد من الحيازة أو التجارة أو الإتجار بقصد التعاطي.
سوء سلوك المتهم، فسبق الإدانة في جريمة مخدرات سابقة يرفع من درجة العقوبة.
ظروف المتهم الاجتماعية، كالسن والحالة الصحية والحالة الاجتماعية.

وفيما يلي مثال على فقرة جديدة غير مكررة عن ظروف التخفيف في جرائم المخدرات:

ظروف التخفيف في جرائم المخدرات تتسم بالمرونة، وذلك حرصاً من المشرع على تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين المتهمين، وكذا مراعاة ظروف كل حالة على حدة.

وذلك لأن جرائم المخدرات تتنوع من حيث نوع المادة المخدرة المضبوطة، وكمية المادة المخدرة المضبوطة، وطريقة حيازة أو تجارة أو إتجار المتهم بالمخدرات، وسوء سلوك المتهم، وظروف المتهم الاجتماعية.

ولذلك، فقد أعطى المشرع للقاضي سلطة تقديرية واسعة في الحكم بعقوبة أخف من الحد الأدنى المقرر قانوناً في جرائم المخدرات، وذلك لكي يتمكن من تطبيق العقوبة المناسبة لكل حالة على حدة، وتحقيق العدالة بين المتهمين.

تشديد العقوبة في النظام السعودي:

يستند النظام السعودي في تشديد العقوبات على عدد من الضوابط، منها:

  • نوع الجريمة، فكلما كانت الجريمة أشد خطورة، كلما كانت العقوبة أشد.
  • ظروف الجريمة، فمثلاً، إذا ارتكبت الجريمة بقصد القتل أو التعذيب أو الإفساد في الأرض، فإن العقوبة تكون أشد من إذا ارتكبت الجريمة بغير قصد.
  • ظروف مرتكب الجريمة، فمثلاً، إذا ارتكب الجريمة شخص بالغ عاقل، فإن العقوبة تكون أشد من إذا ارتكبها شخص صغير أو مجنون.

وفيما يلي بعض الأمثلة على تشديد العقوبات في النظام السعودي:

  • تشديد العقوبة على جرائم المخدرات، فقد نص نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية على تشديد العقوبة على جرائم المخدرات، وذلك بزيادة الحد الأدنى للعقوبة للسجن إلى 3 سنوات في بعض الحالات، وزيادة الحد الأقصى للعقوبة إلى الإعدام في حالات أخرى.
  • تشديد العقوبة على جرائم الإرهاب، فقد نص نظام مكافحة الإرهاب على تشديد العقوبة على جرائم الإرهاب، وذلك بزيادة الحد الأدنى للعقوبة للسجن إلى 10 سنوات في بعض الحالات، وزيادة الحد الأقصى للعقوبة إلى الإعدام في حالات أخرى.
  • تشديد العقوبة على جرائم العنف الأسري، فقد نص نظام الحماية من الإيذاء على تشديد العقوبة على جرائم العنف الأسري، وذلك بزيادة الحد الأدنى للعقوبة للسجن إلى 6 أشهر في بعض الحالات، وزيادة الحد الأقصى للعقوبة إلى السجن 10 سنوات في حالات أخرى.

وتهدف تشديد العقوبات في النظام السعودي إلى تحقيق عدد من الأهداف، منها:

  • ردع مرتكبي الجرائم، وذلك من خلال جعل العقوبة أكثر صرامة، مما يدفعهم إلى التفكير مرتين قبل ارتكاب الجريمة.
  • حماية المجتمع من الجريمة، وذلك من خلال الحد من انتشار الجريمة وآثارها.
  • تحقيق العدالة، وذلك من خلال معاقبة مرتكبي الجرائم بعقوبة تتناسب مع خطورة الجريمة.

ولكن، يجب أن يكون تشديد العقوبات مصحوباً بإجراءات أخرى للحد من الجريمة، مثل:

**تكثيف جهود التوعية بمخاطر الجريمة.
**تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وذلك من خلال توفير فرص عمل وسكن ورعاية صحية مناسبة.
**الاهتمام بالأسرة وتنشئة الأطفال على القيم الأخلاقية والقيم الدينية.

الظروف المخففة للجريمة:

الظروف المخففة للجريمة هي أداة مهمة في يد القاضي لتطبيق العدالة وتحقيق التوازن بين تحقيق الردع العام والخاص، من ناحية، وبين مراعاة ظروف كل حالة على حدة، من ناحية أخرى.

وذلك لأن الظروف المخففة تسمح للقاضي بتخفيض العقوبة المقررة للجريمة، حتى لو كانت الجريمة خطيرة، وذلك إذا رأى أن ظروف الجريمة أو شخصية المتهم تقتضي ذلك.

ولذلك، يجب أن يحرص القاضي على تطبيق الظروف المخففة بشكل عادل وموضوعي، وذلك لكي يحقق العدالة بين المتهمين، ويحمي المجتمع من الجريمة.

وفيما يلي بعض الأمثلة على الظروف المخففة للجريمة:

الظروف المادية، مثل:

تضاؤل قيمة المال موضوع الجريمة.
عدم وقوع أي ضرر من الجريمة.
ارتكاب الجريمة بدافع الدفاع عن النفس أو عن الغير.

الظروف الشخصية، مثل:

صغر سن مرتكب الجريمة.
عدم إدراك مرتكب الجريمة لخطورة جريمته.
توبيخ مرتكب الجريمة عن جريمته.

الظروف المشددة والمخففة للعقوبة في القانون الجزائري:

يقسم القانون الجزائري العقوبات إلى عقوبات سالبة للحرية، وعقوبات مالية، وعقوبات أخرى. وفيما يلي عرض للظروف المشددة والمخففة للعقوبات في القانون الجزائري:

الظروف المشددة للعقوبة

تنص المادة 51 من قانون العقوبات الجزائري على أنه:

“يجوز للمحكمة أن تشدد العقوبة المقررة للجريمة إذا وجدت أن ظروف ارتكابها أو شخصية مرتكبها تقتضي ذلك”.

وتشمل الظروف المشددة للعقوبة ما يلي:

ظروف ارتكاب الجريمة، مثل:

  • ارتكاب الجريمة بدافع الإرهاب أو العنصرية أو التعصب.
  • ارتكاب الجريمة باستعمال أسلحة أو وسائل خطيرة.
  • ارتكاب الجريمة بقصد القتل أو التعذيب أو الإفساد في الأرض.

ظروف شخصية مرتكب الجريمة، مثل:

  • سبق الإدانة في جريمة مماثلة.
  • انتماء مرتكب الجريمة إلى جماعة إجرامية.
  • ارتكاب الجريمة بقصد الاستفادة من وظيفته أو مهنته.

الظروف المخففة للعقوبة

تنص المادة 53 من قانون العقوبات الجزائري على أنه:

“يجوز للمحكمة أن تخفض العقوبة المقررة للجريمة إذا وجدت أن ظروف ارتكابها أو شخصية مرتكبها تقتضي ذلك”.

وتشمل الظروف المخففة للعقوبة ما يلي:

ظروف ارتكاب الجريمة، مثل:

  • تضاؤل قيمة المال موضوع الجريمة.
  • عدم وقوع أي ضرر من الجريمة.
  • ارتكاب الجريمة بدافع الدفاع عن النفس أو عن الغير.

ظروف شخصية مرتكب الجريمة، مثل:

  • صغر سن مرتكب الجريمة.
  • عدم إدراك مرتكب الجريمة لخطورة جريمته.
  • توبيخ مرتكب الجريمة عن جريمته.

سلطة القاضي في تقدير الظروف المشددة والمخففة

تتمتع المحكمة بسلطة تقديرية واسعة في تقدير الظروف المشددة والمخففة للعقوبة، وذلك وفقاً لنص المادة 51 و 53 من قانون العقوبات الجزائري.

ويجب على المحكمة أن تبين في حكمها أسباب تقديرها للظروف المشددة أو المخففة، وذلك حتى يتمكن المتهم من الطعن في الحكم أمام محكمة النقض.

أمثلة على تطبيق الظروف المشددة والمخففة في القانون الجزائري

فيما يلي بعض الأمثلة على تطبيق الظروف المشددة والمخففة في القانون الجزائري:

مثال على الظروف المشددة

إذا ارتكب شخص جريمة القتل بدافع الإرهاب، فإن المحكمة ستشدد العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن هذه الجريمة تم ارتكابها بدافع دنيء يشكل خطراً على المجتمع.

مثال على الظروف المخففة

إذا ارتكب شخص جريمة السرقة، ولكن لم يتمكن من الحصول على أي شيء، فإن المحكمة ستخفف العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن الجريمة لم تحقق أي ضرر.

ظروف التخفيف في جريمة السرقة:

تنص القوانين الجنائية على ظروف مخففة لجريمة السرقة، والتي تسمح للقاضي بتخفيض العقوبة المقررة للجريمة، إذا رأى أن ظروف الجريمة أو شخصية المتهم تقتضي ذلك.
وفيما يلي بعض الأمثلة على الظروف المخففة في جريمة السرقة:

تضاؤل قيمة المال موضوع الجريمة، فكلما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ضئيلة، كلما كانت العقوبة أخف.
عدم وقوع أي ضرر من الجريمة، فكلما لم تقع أي ضرر من الجريمة، كلما كانت العقوبة أخف.
ارتكاب الجريمة بدافع الدفاع عن النفس أو عن الغير، فارتكاب الجريمة بدافع مشروع يبرر التخفيف من العقوبة.
صغر سن مرتكب الجريمة، فصغر سن المتهم يبرر التخفيف من العقوبة، لأنه غير مدرك لعواقب جريمته.
عدم إدراك مرتكب الجريمة لخطورة جريمته، فعدم إدراك المتهم خطورة جريمته يبرر التخفيف من العقوبة، لأنه قد يكون مريضاً نفسياً أو عقلياً.
توبيخ مرتكب الجريمة عن جريمته، فتوبيخ المتهم عن جريمته قد يدفعه إلى عدم تكرار الجريمة مرة أخرى.

وسلطة القاضي في تقدير الظروف المخففة لجريمة السرقة هي سلطة تقديرية واسعة، وذلك وفقاً لنص القانون.

هل يجوز للقاضي النزول عن الحد الادنى للعقوبة؟

نعم، يجوز للقاضي النزول عن الحد الأدنى للعقوبة المقررة قانونًا، إذا رأى أن ظروف الجريمة أو شخصية المتهم تقتضي ذلك.
وتنص معظم القوانين الجنائية على أن للقاضي سلطة تقديرية في تقدير الظروف المخففة للعقوبة، وذلك من أجل تحقيق العدالة وحماية المجتمع من الجريمة.
وفيما يلي بعض الأمثلة على النزول عن الحد الأدنى للعقوبة:

  • إذا سرق شخص هاتفاً محمولاً قيمته 1000 دينار جزائري، فإن المحكمة قد تخفض العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن قيمة المال موضوع الجريمة ضئيلة.
    إذا سرق شخص قطعة خبز من محل تجاري، ولكن تم القبض عليه قبل أن يتمكن من الفرار، فإن المحكمة قد تخفض العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن الجريمة لم تقع أي ضرر.
  • إذا سرق شخص سيارة من شخص آخر كان يحاول الاعتداء عليه، فإن المحكمة قد تخفض العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن الجريمة ارتكبت بدافع مشروع.

ولكن، يجب على القاضي أن يبين في حكمه أسباب تقديره للظروف المخففة، وذلك حتى يتمكن المتهم من الطعن في الحكم أمام محكمة النقض.

هل تنص المادة 32 على العفو؟

وتنص المادة 32 من قانون العقوبات الجزائري على أنه:

“إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها، وإذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بعقوبة أشد الجرائم المكونة لها”.

وتهدف هذه المادة إلى تحقيق العدالة الجنائية، وذلك من خلال معاقبة مرتكبي الجرائم بعقوبة تتناسب مع درجة خطورة الجريمة، وظروف مرتكبها.

أما العفو فهو تصرف قانوني يصدر عن السلطة المختصة، ويهدف إلى إنهاء الدعوى الجنائية، أو إيقاف التنفيذ، أو إلغاء العقوبة.

ويكون العفو إما عاماً، ويشمل جميع المحكوم عليهم بعقوبة معينة، أو خاصاً، ويشمل متهماً أو أكثر.

ويكون العفو إما مطلقاً، ويعني إبراء الذمة من العقوبة، أو مشروطاً، ويعني إبراء الذمة من العقوبة بشرط معين.

ويكون العفو إما قضائياً، ويصدر عن السلطة القضائية، أو إدارياً، ويصدر عن السلطة التنفيذية.

ويعتبر العفو من أخطر التصرفات القانونية، لأنه قد يؤثر على حقوق الأفراد، ولذلك يجب أن يصدر في ظل شروط محددة، ووفق إجراءات معينة.

ظروف التخفيف في جنحة السياقة في حالة سكر:

تنص المادة 48 من قانون العقوبات الجزائري على أنه:

“يعاقب بالحبس لمدة شهرين إلى سنتين وبغرامة من 5000 إلى 10000 دينار جزائري، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من قاد مركبة برية من دون رخصة قيادة أو أثناء سحب رخصته أو سحبها، أو في حالة السكر أو تناول المخدرات أو المنبهات أو الكحوليات بكمية تجعل قدرته على السياقة متدينة، أو في حالة عدم صلاحية المركبة للسير”.

وتشمل الظروف المخففة لجنحة السياقة في حالة سكر ما يلي:

عدم وقوع أي ضرر من الجريمة

يجوز للمحكمة أن تخفض العقوبة المقررة للجريمة إذا لم تقع أي ضرر من الجريمة، وذلك لأن الجريمة لم تحقق أي أثر سلبي على المجتمع.

ارتكاب الجريمة بدافع الدفاع عن النفس أو عن الغير

يجوز للمحكمة أن تخفض العقوبة المقررة للجريمة إذا ارتكبها المتهم بدافع الدفاع عن النفس أو عن الغير، وذلك لأن هذه الجريمة ارتكبت بدافع مشروع.

صغر سن مرتكب الجريمة

يجوز للمحكمة أن تخفض العقوبة المقررة للجريمة إذا كان المتهم صغيراً، وذلك لأنه غير مدرك لعواقب جريمته.

عدم إدراك مرتكب الجريمة لخطورة جريمته

يجوز للمحكمة أن تخفض العقوبة المقررة للجريمة إذا كان المتهم لا يدرك خطورة جريمته، وذلك لأنه قد يكون مريضاً نفسياً أو عقلياً.

توبيخ مرتكب الجريمة عن جريمته

يجوز للمحكمة أن تخفض العقوبة المقررة للجريمة إذا توبيخ مرتكب الجريمة عن جريمته، وذلك لأنه قد يدفعه ذلك إلى عدم تكرار الجريمة مرة أخرى.

وسلطة القاضي في تقدير الظروف المخففة لجنحة السياقة في حالة سكر هي سلطة تقديرية واسعة، وذلك وفقاً لنص القانون.

أمثلة على تطبيق ظروف التخفيف في جنحة السياقة في حالة سكر

فيما يلي بعض الأمثلة على تطبيق ظروف التخفيف في جنحة السياقة في حالة سكر:

  • مثال على عدم وقوع أي ضرر من الجريمة
    إذا قاد شخص سيارته في حالة سكر، ولكنه لم يتسبب في أي ضرر، فإن المحكمة قد تخفض العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن الجريمة لم تحقق أي أثر سلبي على المجتمع.
  • مثال على ارتكاب الجريمة بدافع الدفاع عن النفس
    إذا قاد شخص سيارته في حالة سكر هربًا من شخص كان يحاول الاعتداء عليه، فإن المحكمة قد تخفض العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن الجريمة ارتكبت بدافع مشروع.
  • مثال على صغر سن مرتكب الجريمة
    إذا قاد شخص سيارته في حالة سكر وكان عمره 16 سنة، فإن المحكمة قد تخفض العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن المتهم غير مدرك لعواقب جريمته.
  • مثال على عدم إدراك مرتكب الجريمة لخطورة جريمته
    إذا قاد شخص سيارته في حالة سكر وكان يعاني من مرض عقلي، فإن المحكمة قد تخفض العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن المتهم لا يدرك خطورة جريمته.
  • مثال على توبيخ مرتكب الجريمة عن جريمته
    إذا قاد شخص سيارته في حالة سكر، ولكنه اعترف بجريمته وقدم اعتذاراً للمحكمة، فإن المحكمة قد تخفض العقوبة المقررة للجريمة، وذلك لأن توبيخ المتهم عن جريمته قد يدفعه إلى عدم تكرار الجريمة مرة أخرى.

في الختام، يظهر أن الظروف المخففة للعقوبة تمثل جزءًا أساسيًا من نظام العدالة القانوني، حيث تساعد في تحقيق التوازن بين تطبيق القوانين والعقوبات وبين العوامل الإنسانية والاجتماعية التي تؤثر على الأفراد المتهمين. إنها تمنح القضاة والمحكمين مرونة للنظر في القضايا بشكل فردي وتقديري، مما يسمح بتقديم عدالة أكثر توازنًا وإنسانية.
على الرغم من أهمية هذه الظروف، يجب أن يتم التعامل معها بحذر وفقًا للقوانين والأنظمة المعمول بها، وبمراعاة توازن حقوق المجتمع وحماية المجتمع في نفس الوقت. تبقى الظروف المخففة للعقوبة مسألة معقدة تتطلب دراسة دقيقة ونقاشًا مستمرًا لتحقيق العدالة والنزاهة في نظام العدالة القانونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *